علي بن أبي طالب ، فأكثر أبو بكر عليه من الكلام ، فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : كيف تؤدّيها وأنت صاحبي في الغار (١).
قال : فانطلق علي عليهالسلام حتى قدم مكّة ثمّ وافى عرفات ، ثمّ رجع إلى جمع ، ثم إلى منى ، ثم ذبح وحلق ، وصعد على الجبل المشرف المعروف بالشعب ، فاذّن ثلاث مرّات : الا تسمعون يا أيّها الناس انّي رسول رسول الله صلىاللهعليهوآله إليكم ، ثم قال :
( بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَأَنَّ اللهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ ، وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ ـ الى قوله ـ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ).
تسع آيات من أوّلها ، ثمّ لمع (٢) بسيفه فاسمع الناس وكرّرها ، فقال الناس : من هذا الّذي ينادي في الناس؟ فقالوا : علي بن أبي طالب ، وقال من عرفه من الناس : هذا ابن عمّ محمد ، وما كان ليجترئ على هذا غير عشيرة محمّد.
فأقام أيّام التشريق ثلاثة ينادي بذلك ويقرء على النّاس غدوة وعشيّة ، فناداه الناس من المشركين : أبلغ ابن عمّك ان ليس له عندنا الاّ ضربا بالسيف وطعنا بالرّماح.
ثم انصرف علي عليهالسلام إلى النبي صلىاللهعليهوآله ويقصد في السير ، وأبطأ الوحي عن رسول الله صلىاللهعليهوآله في أمر علي عليهالسلام وما كان منه ، فاغتمّ النبي صلىاللهعليهوآله لذلك غمّا شديدا رئي ذلك في وجهه ، وكفّ عن النساء من الهمّ والغمّ.
فقال بعضهم لبعض : لعلّ قد نعيت إليه نفسه (٣) أو عرض له مرض ، فقالوا لأبي ذر :
__________________
(١) هذا تعيير لأبي بكر وتشنيع له ، وإيهام بأنّك كنت معي في الغار خائفا فزعا مع استظهارك بي وعدم علم أحد من الناس إلى مكانك ، فكيف تقدر على تبليغ هذه السورة بملإ من الناس يوم الحج الأكبر ـ كما يأتي في كلام المؤلف.
(٢) لمع بسيفه : أشار.
(٣) أي أخبر بوفاته.