قد نعلم منزلتك من رسول الله صلىاللهعليهوآله وقد ترى ما به ، فنحن نحبّ أن يعلم لنا أمره ، فسأل أبو ذرّ رحمهالله النبي صلىاللهعليهوآله عن ذلك.
فقال النبي صلىاللهعليهوآله : ما نعيت إلى نفسي وانّي لميّت ، وما وجدت في أمّتي الاّ خيرا ، وما بي من مرض ولكن من شدّة وجدي لعلي بن أبي طالب وإبطاء الوحي عنّي في امره ، وان الله عزّ وجل قد أعطاني في عليّ تسع خصال : ثلاثة لدنياي واثنتان لآخرتي ، واثنتان انا منهما آمن واثنتان أنا منهما خائف.
وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا صلّى الغداة استقبل القبلة بوجهه إلى طلوع الشمس يذكر الله عزّ وجلّ ، ويتقدّم علي بن أبي طالب عليهالسلام خلف النبي صلىاللهعليهوآله ويستقبل النّاس بوجهه ، فيستأذنون في حوائجهم ، وبذلك أمرهم رسول الله صلىاللهعليهوآله.
فلمّا توجّه علي عليهالسلام إلى ذلك الوجه لم يجعل رسول الله صلىاللهعليهوآله مكان عليّ لأحد ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا صلّى وسلّم استقبل القبلة بوجهه ، فاذن للناس ، فقام أبو ذر فقال : يا رسول الله لي حاجة ، قال : انطلق في حاجتك.
فخرج أبو ذر من المدينة يستقبل علي بن أبي طالب عليهالسلام ، فلمّا كان ببعض الطريق إذا هو براكب مقبل على ناقته ، فإذا هو علي عليهالسلام ، فاستقبله والتزمه وقبّله ، وقال : بأبي أنت وأمّي اقصد في مسيرك حتى أكون أنا الذي أبشّر رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فانّ رسول الله صلىاللهعليهوآله من أمرك في غمّ شديد وهمّ ، فقال له علي عليهالسلام : نعم.
فانطلق أبو ذر مسرعا حتى أتى النبي صلىاللهعليهوآله فقال : البشرى ، قال : وما بشراك يا أبا ذر؟ ، قال : قدم علي بن أبي طالب ، فقال له : لك بذلك الجنّة ، ثم ركب النبي عليهالسلام وركب معه الناس ، فلمّا رآه أناخ ناقته (١) ، ونزل رسول الله صلّى الله
__________________
(١) أناخ الجمل : ابركه.