أقول : معنى قوله : ( ابسطها درجاً ) أنك تأخذ لكلّ ساعة خمس عشرة درجة ، فإنها حصّة الساعة من قسمة ثلاثمائة هي عدد درج المعدّل وما حواه من الأفلاك.
ثمّ قال يحيى بن محمّد : ( ولك طريق آخر ، وهو أن تعرف الظلّ في وقتك وأسقِط منه ظلّ الزوال ، ثمّ إن كان الباقي أربعين قدماً فأكثر فهي الساعة الأُولى ، أو دونها إلى عشرين فهي الساعة الثانية ، أو دونها إلى عشرة فهي الثالثة ، أو دونها إلى ستّة فهي الرابعة ، أو دونها إلى ثلاثة فهي الخامسة ، أو دونها إلى الزوال فهي السادسة ، وعكس ذلك من الزوال إلى الغروب ) ، انتهى.
وليس شيء منه منطبقاً إلّا على أن الليل من الغروب إلى الطلوع ، والنهار من الطلوع إلى الغروب ، كما هو جليّ ظاهر لا يكاد ينكره من له أدنى معرفة بهذا الفنّ ، كالذي قبله من العلامات المنقولة عن العلماء ، فإن شيئاً منها غير منطبق إلّا على هذا.
وقال الحكيم سرجس بن هلبا الروميّ : في تعريب كتاب ( الفلاحة الرومية ) تأليف الحكيم قسطوس الرومي : ( الباب الخامس : في معرفة ما مضى من ساعات النهار أو الليل. قال قسطوس : يجب على من أراد ذلك أن يكون عالماً بأقصر الظلال في أوائل البروج ، وهي ظلال نصف النهار إذا كانت الشمس في أوائل البروج ، فإن هذه الظلال إذا كانت محصّلة عند الطالب في إقليمه تهيّأ له أن يعلم الماضي من الساعات في إقليمه في أيّ يوم كان من أيّام السنة.
والطريق إلى تحصيل هذا الظلّ أن تعمد إلى أرض مستوية وتدير فيها دائرة سعتها أربعة أذرع ، ثم تعمد إلى عود مصطحب لا اعوجاج فيه طوله ذراع ، وتقيمه على مركز الدائرة قياماً ثابتاً صحيحاً لا ميل فيه. أما إثباته فيكون بأن يدفن في الأرض نصفه ويبقى الظاهر منه شبر ، وتدعمه دعماً قويّاً. وأمّا ما يعمل حتّى يكون قيامه على الأرض صحيحاً لا ميل فيه ، فهو بأن يُعلّم على محيط الدائرة ثلاث علامات متباعدة تكاد تقسم الدائرة بثلاثة أقسام متساوية أو ما يقرب منه ، ثمّ تقيس بُعد رأس العود من العلامات الثلاث التي على محيط الدائرة بخيط أو بعود ،