الشارع فرض الإتيان بالظهر في ذلك القدر من الزمان لم يبقَ له وجه في احتمال أن يكون ذلك أو قدر ثلاث منه للعصر ؛ لأنه خلاف ما فرضه الشارع. كما أنه لا يحتمل القول بأن مقدار ثلاث بعد الغروب لِمَن لم يدرك قبله إلّا ركعة وقتاً للمغرب ؛ لأن الشارع فرض الإتيان ببقيّة العصر في ذلك الزمان ، ولا ينافي كونهما وقتاً للعصر أو للمغرب بالنسبة لِمَن لم يدرك قدر ركعة من وقت الظهر أو العصر.
ثمّ قال رحمهالله : ( قوله : ( وتظهر الفائدة في المغرب والعشاء ) (١) يريد أنه إنْ جعلنا مقدار الأربع وقتاً للظهر ، فلو أدرك قبل الانتصاف مقدار أربع وجب عليه المغرب والعشاء ؛ لأن مقدار ثلاث يدرك بها المغرب ، ويدرك العشاء بإدراك ركعة في وقتها. وإن جعلنا الأربع للعصر كان قدر الأربع قبل الانتصاف وقتاً للعشاء الآخرة ، فهو يقضي المغرب. وهذا التفريع ليس عندي بشيء ) (٢) ، انتهى.
قلت : إذا كان التفريع ليس بشيء لما عرفت من أن الدليل قائم على أنه متى لم يبقَ قبل الانتصاف إلّا قدر أربع ، فقد خرج وقت المغرب واختصّ الوقت بالعشاء لم يبقَ للاحتمال في الظهرين حينئذٍ معنًى ولا فائدة ، ولا دليل يدلّ بوجه من ضروب الدلالة على صحّة هذا الاحتمال.
المعروف من الفتوى أن المراد من إدراك الركعة إدراك أقلّ المجزي من الواجبات الاختياريّة. وصرّح الشيخ علي : في ( شرح القواعد ) (٣) بأن السورة حينئذٍ لا يسقط وجوبها لضيق الوقت ، بل لو لم يسعها الوقت سقط الفرض أو ثبت القضاء ، ونقل عن ( التذكرة ) (٤) التصريح به. ومثله بعض شرّاح ( النافع ) فتوًى ونقلاً عن ( التذكرة ) ، بل قال : ( لا اعلم له رادّاً من الأصحاب ). وهو جيّد ، والله العالم.
__________________
(١) قواعد الأحكام ١ : ٢٤٨.
(٢) كنز الفوائد ١ : ٩٢ ، باختلاف يسير.
(٣) جامع المقاصد ٢ : ٣١ ، ولم ينقل التصريح به عن ( التذكرة ) ، بل نصّ عبارته : ( وقد نبّه على ذلك في التذكرة ).
(٤) تذكرة الفقهاء ٢ : ٣٢٤ / المسألة : ٤١ ، الفرع : ج.