وأمّا صحيح الحلبيّ فإنه وإن دلّ بإطلاقه ولكن ظاهر الأصحاب الإعراض عن هذه الدلالة في المقام ، مع أنه بمرأى منهم. بل استدلّ به الشيخ (١) على حكم الناسي ، فهو قد فهم منه أنه وارد في الناسي.
وبالجملة ، فالمسألة مشكلة وإن كان ما عليه ظاهر الأصحاب لا يخلو من قوّة.
ولا ينعقد الإحرام قبل الميقات للنصّ المستفيض (٢) والإجماع إلّا في موضعين وقع الخلاف فيهما :
أحدهما : لو نذر الإحرام قبله ، فهل ينعقد نذره؟ قولان :
أحدهما : لا ينعقد ، وإليه ذهب ابن إدريس (٣) والعلّامة في ( المختلف ) (٤) ، وهو ظاهر ( الفقيه ) أيضاً حيث قال : ( ولا يجوز الإحرام قبل بلوغ الميقات ، ولا يجوز تأخيره عن الميقات إلّا لعلّة أو تقيّة ، فإذا كان الرجل عليلاً أو اتّقى فلا بأس أن يؤخّر الإحرام إلى ذات عرق ) (٥). ولم يذكر النذر ولا روايته.
وظاهر ( الكافي ) (٦) أيضاً حيث قال : ( باب من أحرم دون الوقت ). وساق الأخبار المانعة من ذلك ، ولم يذكر رواية النذر ، وإنما ذكر خبر الإحرام قبله خوف فوت الشهر في العُمرة المفردة.
وهو ظاهر ابن زهرة في ( الغنية ) (٧) ، بل ظاهره أنه إجماع كما ستقف على عبارته إن شاء الله.
والمرتضى في ( الانتصار ) (٨) ، وظاهره أنه إجماع ، وستأتي عبارته. وظاهر ابن
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٥ : ٥٨ / ١٨٠.
(٢) وسائل الشيعة ١١ : ٣١٩ ـ ١٣٢٢ ، أبواب المواقيت ، ب ٩.
(٣) السرائر ١ : ٥٢٦ ـ ٥٢٧.
(٤) مختلف الشيعة ٤ : ٦٨ ـ ٦٩ / المسألة : ٢٧.
(٥) الفقيه ٢ : ١٩٩.
(٦) الكافي ٤ : ٣٢١.
(٧) الغنية ( ضمن سلسلة الينابيع الفقهيّة ) ٨ : ٣٨٩ ـ ٣٩٠ ، وعبارته : ( ولا يجوز عقد الإحرام إلّا في موضع مخصوص .. وقلنا ذلك للإجماع المكرّر .. ).
(٨) الانتصار : ٢٣٤ ـ ٢٣٥ / المسألة : ١٢١ ، وعبارته : ( ودليلنا : بعد الإجماع الذي يمضي .. ).