ثمّ قال كان أبي يقول : يشدّ على بطنه المنطقة التي فيها نفقته ؛ ليستوثق بها ، فإنها من تمام الحجّة (١) ، فإنها معلّلة ، وهو يدلّ على أن الوصف مناط الحكم. فمفهومه حينئذٍ حجّة قطعاً ، وإن كان الأصل يقتضي جواز شدّها مطلقاً ، خصوصاً إذا خلت من خياطة.
وفي ( شرح المفاتيح ) للشيخ حسين أنه جاء في النصّ والفتوى جواز أن يشدّ على المئزر العمامة ونحوها.
ويؤيّد تقييدها بما إذا كان فيها نفقته الخبر الناهي عن شدّ المئزر بتكّة وغيرها. فالظاهر الاقتصار على ما فيه نفقته ، وهو أحوط أيضاً. وظاهر هذا الحديث : النهي عن شدّ العمامة على البطن مطلقاً. والظاهر أنها مقيّدة بما إذا رفعها إلى صدره ، بدلالة صحيحة عمران الحلبيّ عن أبي عبد الله عليهالسلام أنه قال المحرم يشدّ على بطنه العمامة ، وإن شاء يعصبها على موضع إزاره ، ولا يرفعها إلى صدره (٢).
ويمكن حمل الأُولى أيضاً على الكراهيّة ، والأصل يؤيّد الرخصة. وفي ترجيح الناقل عن الأصل على المقرّر له إشكال ما لم يعلم سبق المقرّر على الناقل. وأيضاً ، فمفاهيم الأخبار الدالّة على أن المحرم لا يلبس ثوباً يزرّه ولا يدرعه مؤيّدة لجواز شدّ العمامة والمنطقة والهميان على الوسط ، وشدّ الإزار بأحدها ما لم تبلغ الصدر ، فإنه محلّ الرداء ، مع دلالة هذا الخبر على المنع منه حينئذٍ.
وهل تجب النيّة في لبس الثوبين؟ وجهان. ومقتضى القول بشرطيّته وشطريّته ذلك ، والأحوط الأولى مراعاتها في لبسهما ، بل ومراعاته لبسهما في النُّسك المتشخّص بجميع مشخّصاته. وسيأتي بيانها إن شاء الله الرحمن المنّان.
دلّت القاعدة المسلّمة المشار لها في النصّ القائلة : إن كلّ ثوب يصلّي فيه المحرم يحرم فيه وكلّ ثوب لا تصحّ صلاته فيه لا يحرم فيه ـ [ على أُمور ينبغي
__________________
(١) الكافي ٤ : ٣٤٣ / ٢ ، وسائل الشيعة ١٢ : ٤٩١ ، أبواب تروك الإحرام ، ب ٤٧ ، ح ٢.
(٢) الفقيه ٢ : ٢٢١ / ١٠٢٦ ، وسائل الشيعة ١٢ : ٥٣٣ ، أبواب تروك الإحرام ، ب ٧٢ ، ح ١.