الثالث والعشرون : استقرّ المذهب بلا خلاف يُعْلمُ ودلّت الأخبار على عدم مشروعيّة قضاء السجدة المنسيّة والتشهّد المنسيّ قبل التسليم (١) ، ويلزمه وجوبُه ؛ إذ لو كان مندوباً لشرع ذلك قبله.
الرابع والعشرون : موثّقة عمّار بن موسى : سألتُ أبا عبد الله عليهالسلام : عن التسليم ما هو؟ فقال إذنٌ (٢).
قال الشيخ بهاء الدين : ( فإن حكمه عليهالسلام بأن التسليمَ إذْنٌ يعطي بظاهره عدم جواز الخروج من الصلاة بدون الإذْنِ ) (٣).
قلت : ويعطي أيضاً بظاهره أنه بوقوعه تتحقّق الرخصة في العمل المنافي ، وبه يتحقّق انقطاع القدوة من المأموم ، وأنه به أُذِنَ للمأموم في مفارقة الإمام.
وقد أطال البهائي رحمهالله : في الاستدلال للقول بالوجوب ، ولننقل ملخّصاً من عبارته لحسنه وكلّ بحثه هنا حسن قال رحمهالله : ( والذي يظهر لي أن القولَ بالوجوب أقربُ. لنا : ما تضمّنه الحديث الثالث يعني : صحيح زرارة : وابن مسلم (٤) : من إعادة المسافر إذا صلّى أربعاً ، ومعلوم أن ذلك للزيادة في الصلاة ، ولو كان التسليم مستحبّاً لانقطعت بإتمام التشهّد فلم يحصل الزيادة فيها ، والحملُ على ما إذا نوى الأربع ابتداءً فالفسادُ سابقٌ لا لاحقٌ بعيدٌ مخالفٌ لإطلاق الحديث ، فإن منعوا انقطاع الصلاة ركوناً إلى أن التسليم من أجزائها المستحبّة نقضوا ما هو عمدتهم في الاستدلال على استحبابه ، أعني : ما تضمّنه الحديث العاشر من صحّة صلاة من أحدث قبل التسليم ، فكفونا مؤنة الكلام فيه ) (٥).
ثمّ أخذ يستدلّ بالأخبار الآمرة بالتسليم وبأخبار صلاة الخوف ، فإن وقوع
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٥٧ / ٨ ، تهذيب الأحكام ٢ : ٣٤٤ / ١٤٢٩ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤٠٦ ، أبواب التشهّد ، ب ٩ ، ح ٣.
(٢) تهذيب الأحكام ٢ : ٣١٧ / ١٢٩٦ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤١٦ ، أبواب التسليم ، ب ١ ، ح ٧.
(٣) الحبل المتين ( ضمن رسائل الشيخ بهاء الدين ) : ٢٥٥ ( حجريّ ).
(٤) تهذيب الأحكام ٣ : ٢٢٦ / ٥٧١ ، وسائل الشيعة ٨ : ٥٠٦ ، أبواب صلاة المسافر ، ب ١٧ ، ح ٤.
(٥) الحبل المتين ( ضمن رسائل الشيخ بهاء الدين ) : ٢٥٥ ( حجريّ ).