الأوّل مجاز والثاني هو الحقيقة الأخبار ، وصرّح به الشيخ في ( تهذيب الأحكام ) (١) ، والمحقّق في ( نكت النهاية ) (٢) ، وغيرهما.
ويستحبّ أيضاً أن يشترط في إحرامه أن يحلّه حيث حبسه ، فيقول : اللهمّ إني أُريد الإحرام بكذا ، فإن عرض لي عارض فحلّني حيث حبَستني بقدرتك التي قدّرت.
ونحو هذا من العبارات الواردة في هذا المعنى. وإنما ذكرت هذين المستحبّين بخصوصهما لسرّ لا يخفى على الفطن.
فإذا نوى النُّسك المتعيّن المتشخّص من كلّ وجه ، بأن يقصد الإحرام بالنُّسُك المتشخّص كما مرّ ، ويلبّي التلبيات الأربع التي يعقد بها الإحرام المتعيّن في النُّسُك المقصود وجوباً أو ندباً ، وبعد النيّة والتلبيات ينعقد الإحرام ، وتجب جميع واجباته وأركانه ؛ فتؤدّى بعنوان الوجوب.
فالنسُك المندوب لا ينوى فيه الندب إلّا حال النيّة والتلبيات ، وأمّا باقي أفعاله فتكون واجبة ، فتؤدّى بعنوان وصف الوجوب ، وذلك إجماع. ولا بدّ حال تلبيته من كونه مستحضراً لنيّة النُّسُك الذي يقصده ، فلا ينعقد بها الإحرام لو لبّى ساهياً أو ذاهلاً عمّا يعقده من الإحرام بالنُّسُك المعيّن ، أو نائماً أو سكرانَ أو مجبوراً على النطق بها من غير قصد للنّسُك.
فإذن لا بدّ من مقارنة النطق بالتلبيات الأربع للنيّة. نعم ، لا يجب مقارنتها للنطق بالنيّة ، وقراءة الدعاء الوارد حينئذٍ. والأخبار بما ذكرناه كثيرة (٣).
والظاهر أن مراد من قال : ( لا يجب مقارنة النيّة للتلبيات ) ، النيّة الملفوظة ، لا
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٥ : ٨٣ / ذيل الحديث ٢٧٦.
(٢) النهاية ونكتها ١ : ٤٧٣.
(٣) انظر وسائل الشيعة ١٢ : ٣٤٠ ، أبواب الإحرام ، ب ١٦.