والحاصل أنه لم يظهر لي دليل من نصّ أو إجماع أو غيرهما على أنه يتحقّق ترك طوافها المبطل لها في حال بوجه ، وما ذكر من احتمال حال يتحقّق فيه أو به ترك طوافها المبطل لها لا دليل عليه مطلقاً ، لا من رواية ولا إجماع ولا اعتبار ، لا عموماً ولا خصوصاً ولا بوجه أصلاً.
وكيف يتحقّق فواته المبطل والوقت باقٍ؟! والعبادة لا يتحقّق فوتها إلّا إذا كانت مؤقّتة وخرج وقتها ، وما لا توقيت فيه كيف يتحقّق فواته؟! فلو أن أحداً نوى ترك الظهر ، وأعرض عن فعلها ، لم يتحقّق فوتها إلّا بخروج وقتها.
نعم ، لا ريب في الإثم بالخروج من مكّة أو تضيّق نُسُك آخر ، وفي عدم انعقاد الإحرام بنُسُك آخر واجباً كان أو ندباً.
وقد تبيّن من هذا أنه متى بطل النُّسُك بترك ركن منه عمداً ، أو بتعذّر الإتيان به مع عدم النسيان ، أو بتعذّر الإتيان بالنُّسُك أجمع ، أو تركه عمداً حتّى خرج وقته ، وجب التحلّل بالعمرة المفردة بنيّة العدول إليها على الأظهر الأشهر ، وإلّا لوقع غير المنويّ ؛ لأنه نوى غير الواقع ، ولا عمل إلّا بنيّة.
وقال السيّد في ( المدارك ) : ( إذا بطل الحجّ بترك الركن كالطواف أو ما في معناه ، فهل يحصل التحلّل بذلك ، أو يبقى على إحرامه إلى أن يأتي بالفعل الفائت في محلّه ، ويكون إطلاق البطلان مجازاً كما قاله الشهيد (١) في الحجّ الفاسد ، بناءً على أن الأوّل هو الفرض ، أو يتحلّل بأفعال العُمرة؟ أوجه.
وجزم الشيخ عليّ في حواشي ( القواعد ) بالأخير ، وقال : إنه على هذا لا يكاد يتحقّق معنى الترك المقتضي للبطلان في العُمرة المفردة ؛ لأنها هي المحلّلة من الإحرام عند بطلان نُسُك آخر لا غيرها ، فلو بطلت احتيج في التحلّل من إحرامها إلى أفعال العُمرة ، وهو معلوم البطلان (٢).
وما ذكره غير واضح المأخذ ؛ فإن التحلّل بأفعال العُمرة إنما يثبت مع فوات الحجّ
__________________
(١) الدروس ١ : ٣٧٠.
(٢) جامع المقاصد ٣ : ٢٠١ ، بالمعنى.