لا مع بطلان النُّسُك مطلقاً.
والمسألة قويّة الإشكال من حيث استصحاب حكم الإحرام إلى أن يعلم حصول المحلّل ، وإنما يعلم بالإتيان بأفعال العُمرة ، ومن أصالة عدم توقّفه على ذلك مع خلوّ الأخبار الواردة في مقام البيان منه. ولعلّ المصير إلى ما ذكره أحوط ) (١) ، انتهى.
ووافقه على مثل هذا التقرير خاتمة الحفّاظ المحدّثين الشيخ حسين في ( شرح المفاتيح ).
وأقول : أمّا احتمال الإحلال بمجرّد المعصية بترك الركن عمداً فقد عرفت فساده ممّا قرّرناه ، ولم نظفر بما يدلّ عليه بوجه من وجوه الدلالات ، ولا بمفتٍ به ولا عامل به في سائر الأعصار. واستصحاب شغل ذمّته اليقينيّ بموجبات الإحرام ، ومنعه عن محرّمات الإحرام ثابت بيقين ، ولا ناقل عنهما.
وأمّا احتمال أنه بقي على إحرامه إلى أن يأتي بالفائت في محلّه ، فكلام لم يظهر لي معناه ؛ فإن الفوات لا يتحقّق إلّا بفوات الوقت ، وبعد فوات الوقت ، فما معنى الإتيان به في محلّه؟ لا يحتمل إرادة المكانيّ ؛ إذ لا قائل : إن من بطل حجّه مثلاً بترك أحد الموقفين عمداً ، أو الطواف ، أو السعي يحلّ من إحرامه بالوقوف بعرفة ، أو المشعر ، أو بالطواف ، أو بالسعي في غير أيّام الحجّ المعيّنة للفعل المتروك.
بل الإجماع والنصّ كما اعترف به هو وجمع على أن من فاته الحجّ إنما يتحلّل بالعُمرة المفردة.
وأيضاً فالتجوّز في إطلاق الفساد على الحجّ الفاسد لا يظهر بناؤه على القول بأن الأوّل هو الفرض ؛ لأن الاحتمال قائم على أن من أفسد حجّه بالمواقعة وجب عليه إكماله ، وعلى أنه لا يحلّ من إحرامه إلّا بإكماله.
غاية الأمر أن معنى فساده على القول بأن الثاني هو الفرض أن الأوّل غير مجزٍ عن الفرض ولا مبرئ للذمّة ؛ فتعيّن الوجه الثالث ، وتبيّن مأخذ الشيخ علي.
__________________
(١) مدارك الأحكام ٨ : ١٧٤ ـ ١٧٥.