إعادة السعي أيضاً ، كما اختاره الشيخ في ( الخلاف ) (١) ، والشهيد في ( الدروس ) (٢) ؛ لصحيحة منصور بن حازم ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل طاف بين الصفا والمروة قبل أن يطوف بالبيت ، فقال يطوف بالبيت ثمّ يعود إلى الصفا والمروة فيطوف بينهما (٣).
وإنما يحصل التحلّل ممّا يتوقّف على الطواف والسعي بالإتيان بهما ولا يحصل بدون فعلهما ) (٤) ، انتهى ، وهو حسن.
الثلاثون : لو عاد لاستدراك الطواف المنسيّ بعد الخروج من مكّة زادها الله شرفاً على وجه يستدعي وجوب الإحرام لدخولها ؛ فإن كان العود لاستدراك الطواف كلّه لم يَحتجْ إلى إحرام جديد ؛ لأنه محرم لم يتحلّل من إحرامه الأوّل كما عرفت ، ولإطلاق الأخبار (٥) والفتاوى (٦) وجوب الاستدراك ، من غير تعرّض لذكر وجوب الإحرام للدخول في مقام البيان ، مع أنه ممّا يعمّ به البلوى.
وإن كان لاستدراك ثلاثة أشواط فما دونها لم يجز له الدخول إلّا محرماً بنُسُك آخر ، ويقضي ما فات بعد التحلّل منه أو قبله ؛ لما عرفت من البحث السابق.
هذا كلّه إن كان طواف إحدى العمرتين أو بعضه ، أمّا لو كان طواف الحجّ ، فإن كان المستدرك بعضه فكبعض طواف العُمرة ، وإن كان كلّه فوجهان ، أقربهما عدم الافتقار إلى تجديد إحرام ؛ للأصل ، ولصدق المحرم عليه في الجملة وإن حلّ له بعض ما حرّمه الإحرام. والإحرام لا ينعقد إلّا من مُحِلّ ، ولا يجب إلّا على مُحِلّ.
ولا ينافي هذا كلّه حصر الفقهاء من يسوغ له دخول مكّة بغير إحرام في أصناف ليس هذا منهم ؛ لأنهم إنما عنوا به المُحِلّين فأوجبوا الإحرام لدخول مكّة على كلّ
__________________
(١) الخلاف ٢ : ٣٩٥ / المسألة : ٢٥٧.
(٢) الدروس ١ : ٤٠٥.
(٣) الكافي ٤ : ٤٢١ / ٢ ، تهذيب الأحكام ٥ : ١٢٩ / ٤٢٦ ، وسائل الشيعة ١٣ : ٤١٣ ، أبواب الطواف ، ب ٦٣ ، ح ٢.
(٤) مدارك الأحكام ٨ : ١٧٧.
(٥) وسائل الشيعة ١٣ : ٣٥٦ ، أبواب الطواف ، ب ٣١ ، ح ١ ، وفيه أيضاً : ٣٥٧ ـ ٣٥٨ ، أبواب الطواف ، ب ٣٢ ، ح ١.
(٦) تهذيب الأحكام ٥ : ١٠٩ / ذيل الحديث ٣٥٢ ، شرائع الإسلام ١ : ٢٤٣ ، مستند الشيعة ١٢ : ١٢٨.