سنين ، وهذا لم يقل به أحد من الأُمّة إلى يومنا هذا ، ولم يدلّ عليه دليل من عقل أو إجماع أو كتاب أو سنّة ، ولعلّ فيها غلط من قلم الناسخ ، ولعل لفظها : إن كانت لا تحيض إلّا في ثلاثة أشهر .. إلى آخره ، فغلط الناسخ فأبدل لفظ ( الأشهر ) بلفظ ( السنين ) ، فإنها بهذا توافق النصّ والفتوى.
وممّا يدلّ على هذا أن ذلك لو كان مذهباً له مع شدّة غرابته لنُقل عنه ، ولم نظفر به منقولاً عنه من كتاب أو لسان عالم.
بقيت في المقام مسألة لم أقف على مَنْ ذكرها ، هي أن الأمَة لو كانت إنما تحيض في أكثر من خمسة وأربعين يوماً ، فهل حكمها الاعتداد بخمسة وأربعين يوماً مطلقاً ، أو بها وبما بقي من طهرها وحيضها ، على قياس ما قاله في ( كشف اللثام ) (١) في الحرّة ، أو بخمسة وأربعين يوماً إن سلمت لها بعد طلاقها ، وإلّا فبقرأين على قياس ما قاله الشهيد الثاني (٢) : في الحرّة.
وكذا فيما لو كانت تحيض في كلّ خمسة وأربعين يوماً ، أو لم تحض فطُلّقت ، فحاضت حيضة وارتفع حيضها ، وتربّص بها أقصى الحمل ، فهل هي كالحرّة مطلقاً ، أو على التنصيف؟
في كلّ ذلك وجهان : من إطلاقات الأخبار التي مرّ ذكرها ، وإطلاق الفتاوى أن مَنْ كانت تحيض لأكثر من ثلاثة أشهر تعتدّ بثلاثة أشهر ، فهي كالحرّة هنا. ومن الأخبار (٣) الدالّة كأكثر الفتاوى (٤) أنها على التنصيف من الحرّة مطلقاً. وهذا أظهر الوجهين.
__________________
(١) كشف اللثام ٢ : ١٣٦.
(٢) مسالك الأفهام ٩ : ٢٣٧ ـ ٢٣٨.
(٣) انظر وسائل الشيعة ٢٢ : ٢٥٦ ـ ٢٥٨ ، أبواب العدد ، ب ٤٠.
(٤) انظر : الخلاف ٥ : ٦٣ ـ ٦٤ / المسألة : ١٢ ـ ١٣ ، شرائع الإسلام ٣ : ٢٩ ـ ٣٠ ، مختلف الشيعة ٧ : ٥٠٢ / المسألة : ١٤١ ، مسالك الأفهام ٩ : ٢٩٨.