بكر مرّتين : أنه ولد أُمّي مرّتين ، فتكَرّرت العلاقة بالنسبة لأُمّة لا له.
ومنها : أنه ممّا لا ريب فيه أن الولد إنما يتولّد ويتكوّن من ماء الأب والأُمّ المنفعل منهما حسّا والمتكوّن من مطاعمهما وأغذيتهما. وقد أطبق على ذلك الباحثون في الطبيعيات ، وتواتر به مضمون الأخبار ، كما لا يخفى على متتبّعها. فالولد لم يتحقّق في طبيعة جدّه ولا شيء من قواه ، ولا سلك مادّة جسمه في صلب جدّه ، ولا ترائب جدّته ، فكيف يقال : إن جدّه وجدّته والداه حقيقة ، حتّى يكون هو ولدهما حقيقة مع انتفاء معنى التوالد بينهما حقيقة؟!.
ومنها : أن المشهور قديماً وحادثاً شهرة أكيدة ، بل قال المحقّق الطوسي : إنه كاد أن يكون مجمعاً عليه. (١) بل ظاهر غير واحد اتّفاق المتأخّرين على أن ولد الولد وإن كان أُنثى يقوم مقام الولد ويأخذ مستحقّه من إرث جدّه ، وولد البنت وإن كان ذكراً يقوم مقام امّه ويأخذ مستحقّها من إرث جدّه (٢).
وعلى ذلك دلّت نصوص أهل البيت سلام الله عليهم بلا معارض ، فلو كان ولد البنت ولداً حقيقة لكان له مع بنت الولد الثلثان ، ولبنت الولد الثلث بنصّ ( يُوصِيكُمُ اللهُ ) (٣) الآية. ولو كان كذلك لزاد الفرع على أصله ، والمعلول على علّته بفضل ، لم يكن لأصله وعلّته ، وهذا ظاهر البطلان. وليس في هذا مصادرة ؛ لأنا استدللنا بالنصوص الدالّة على توريثهم كذلك على أنهم ليسوا بولد حقيقة.
ومنها : أنك تعلم أنه لم يوجد في كتب التاريخ وكتب النسّابين نسبة رجل ولا امرأة لجدّهما لُامّهما ، بل لو نسب رجل رجلاً لقبيلة امّه كذب أو غلط ، بل إنما ينسب لقبيلة أبيه ، وعلى ذلك بناء معرفة الأنساب والقبائل والعمائر والأفخاذ (٤) في
__________________
(١) عنه في كشف اللثام ٢ : ٢٩٠.
(٢) كشف اللثام ٢ : ٢٩٠ ( حجريّ ).
(٣) النساء : ١١.
(٤) العمائر : جمع عِمارة ، وهي والفَخذ : من أجزاء القبيلة ، فيقال : شِعب ، ثمَّ قبيلة ، ثمَّ فصيلة ، ثمَّ عِمارة ، ثمَّ بطن ، ثمَّ فخذ. مختار الصحاح : ٣٣٨ شعب.