لأنه أهل لعبادة ذوي الألباب ، وهذه عقبة صعبة تبعد السلامة منها ) (١).
إلى غير ذلك من كلامه ممّا يطول نقله ، حتّى ضرب فيه الأمثال وأطال المجال في المقال. فإذا عرفت هذا عرفت أن المشهور هو صحّة العبادة مع قصد تحصيل الأجر والثواب من ثواب الدنيا والآخرة ، والخوف من العقاب.
واستدلّ للمشهور بكثرة الواردات في الكتاب والسنّة ، حتّى كان مضمونه متواتراً من ذكر الثواب ، من ثواب الدنيا والآخرة ممّا لا يمكن لغير المعصوم حصره. فلو كان قصد تحصيل الثواب الموعود به من المعبود أو الهرب ممّا توعّد به من عقابه في الدنيا والآخرة وثوابهما مخلّاً بالإخلاص الذي أمر الله العباد أن يعبدوه به ، ومنافياً له وموجباً للبطلان لكان ذكر الترغيبات الجزيلة والترهيبات الهائلة إغراءً بالقبيح ، وهذا محال ؛ لقبحه.
فيجب تنزيه الشارع الحكيم الغنيّ عن عبادة العابدين عنه ، بل الظاهر أنه إنما ذكر الترغيبات الجزيلة ليرغّب العابد في العبادة لأجلها ، والترهيبات ليعمل العامل خوفاً وهرباً منها ، فتحجزه الرغبة والرهبة عن المعصية بترك العمل.
واستدلّوا أيضاً بما مرّ من الآيات ، كقوله تعالى : ( وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً ) (٢) وأمثالها.
وبحسنة هارون بن خارجة (٣) : المذكورة أوّلاً في عبارة الشيخ بهاء الدين (٤) : ، وبما مرّ من خبر مَنْ بلغه ثواب على عمل (٥) ، المذكور في عبارة ( المدارك ) (٦) وشبهه. وبمضمونِه نحوٌ من ستّة أخبار وقفت عليها في ( أزهار الرياض ) (٧) ، ولا تحضرني
__________________
(١) الإقبال بالأعمال الحسنة ٣ : ١٨٠.
(٢) الأنبياء : ٩٠.
(٣) الكافي ٢ : ٨٤ / ٥.
(٤) الأربعون حديثاً : ٤٤١ ـ ٤٤٥.
(٥) الكافي ٢ : ٨٧ / ٢.
(٦) الكافي ٢ : ٨٧ / ٢.
(٧) أزهار الرياض : ٣٤٠ ( مخطوط ).