أدلَّة القول بالاستحباب
ولنذكر الآن أدلّة القائلين بالاستحباب ، فنقول : قال فاضل ( المناهج ): ( قد حصل ممّا حقّقنا أنه إن لم يكن للقائلين بالاستحباب دليلٌ يقوى على معارضة ما ذكرناه من أدلّة الموجبين تعيّن القولُ بالوجوب ، فلنذكر أدلّتهم ليعلم الحال ، استدلّوا أوّلاً : بالأصل ، وقد عرفت اضمحلاله ).
أقول : قد مرّ الكلام في هذا الأصل ، وأنه مرتفع بما تُلي عليك من الأدلّة ، ومعارضٌ بأصالة استصحاب شغل الذمّة اليقيني ، على أن الأصل لو بقي لم يكن مقتضاه الندبيّة ، وإنما يقتضي في الحقيقة عدم التكليف بالتسليم أصلاً.
ثمّ قال رحمهالله : ( وثانياً : بقوله صلىاللهعليهوآله إنما صلاتنا هذه تكبير ، وقراءة ، وسجود (١) ، ولم يذكر التسليم ، وإنما من أدوات الحصر ، فيدلّ على انحصار أجزائها فيما ذكر.
وهو مردود بأنه لو بقي على ظاهره لم يصحّ ، فإنه أغفل كثيراً من الواجبات كالتشهّد ، والأذكار ، والطمأنينات ، ورفع الرأس ، وإن أمكن إدراج الرفع والطمأنينة في الركوع والسجود فلا شبهة في أنه لا يمكن في التشهّد ، وكذا القيام ، فلا بدّ من أن يحمل على حصر معظم الأجزاء وأشرفها ، كقوله تعالى : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ) (٢) الآية ، وقوله صلىاللهعليهوآله الحجّ عرفة (٣) ، فلا دلالة له على المقصود ).
قلت : ويمكن إرادة جميع الأذكار من لفظ التكبير ، فإنه كثيراً ما يطلق في الأخبار
__________________
(١) عوالي اللآلي : ٣ : ٩٤ / ١٠٤.
(٢) الأنفال : ٢.
(٣) عوالي اللآلي ٢ : ٩٣ / ٢٤٧ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٠٣ / ٣٠١٥.