تفاوت فطرهم ووجوداتهم وقابليّاتهم وطبائعهم وعلمهم وعملهم ، وغير ذلك. فتأمّله بعين شاخصة في طلب الحقّ ونفس خالية من الشبهة تُرشد إن شاء الله تعالى.
تتمّة مهمّة تؤيّد ما فصّلناه في بيان حكم بعض الضمائم غير ما بحثنا فيه. قال الشهيد : في ( القواعد ) : ( يعتبر في النيّة التقرّب إلى الله تعالى. ويدلّ عليه الكتاب والسنّة ؛ أمّا الكتاب فقوله تعالى : ( وَما أُمِرُوا إِلّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) (١) الآية.
وقال الله تعالى : ( وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى. إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى. وَلَسَوْفَ يَرْضى ) (٢).
وأمّا السنّة ففي ما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : في الحديث القدسيّ من عمل لي عملاً أشرك فيه غيري تركته لشريكه (٣) ) (٤). أقول : أمّا وجوب اعتبار التقرّب إلى الله في النيّة وأنه لا تصحّ العبادة ، بل ولا تتحقّق بدونه فقد قام عليه الدليل من العقل والنقل كتاباً وسنّة والإجماع ، بحيث يحصل القطع به.
وأمّا الآية الأُولى فقد دلّت على أن غير ما تُخلَص نيّته لله وحده فليس بعبادة لله ، فدخل في عمومها المستفادِ من الحصر كلّ عبادة يشوب نيّتَها طلبُ شيء غير التقرّب إلى الله ؛ فإنه حينئذٍ ليس بمأمور به ، وكلّ ما ليس بمأمور به فليس بعبادة لله.
وأمّا الثانية ، فلفظ الأحد فيها يعمّ حتّى نفس العابد ، فما سوى ما خلص لوجه الله غير محمود عند الله ، وما ليس بمحمود فهو باطل.
ثمّ قال رحمهالله : ( معنى الإخلاص فعل الطاعة خالصاً لله وحده. وهنا غايات ثمانٍ :
__________________
(١) البيِّنة : ٥.
(٢) الليل : ١٩ ـ ٢١.
(٣) بحار الأنوار ٦٩ : ٢٩٩ / ٣٦ ، مسند أحمد بن حنبل ٢ : ٣٠١ ، كنز العمّال ٣ : ٤٨٢ / ٧٥٢٤ ، بتفاوت في الجميع.
(٤) القواعد والفوائد ١ : ٧٥ / القاعدة الأُولى ، الفائدة الأُولى.