مشروعاً لها كالأكل ، ودخول السوق لم يرتفع حدثه ؛ لأنه عبادة لم تشرع ، فهي باطلة بلا شكّ. ولو كانت الطهارة من كمالها لا من شروطها (١) ، كالنوم وقراءة القرآن ، وجهان أظهرهما الصحّة ؛ لأن الله تعالى أحبّ من العبد أن ينام على طهارة ، وكذا في تلاوة كلامه ، وأمره أن يقرأه وينام متطهّراً. وهذا معنًى محصّل لمشروعيّة الطهارة ؛ لأنها موافقة لمحبّة الله وأمره.
والأحوط في هذا أن ينوي الكون على طهارة ، فلو قصد الكون على الطهارة ليكون على حال فعله ما لم تشرع له الطهارة على طهارة ، أو حال فعله ما الطهارة من كماله على طهارة صحّ فيهما لمشروعيّة الطهارة للكون على طهارة. والإجماع إنما هو على الفرض الأوّل ، وهو مراده رحمهالله.
وكذلك لا تصحّ طهارته ولا يرتفع حدثه لو نوى طهارة مطلقاً ؛ لأن الطهارة عبادة شرطيّة ، وليست بواجبه أو مندوبة لنفسها ، ففعلها كذلك غير مشروع فلا تصحّ ، ولا يُعبد الله إلّا بما شرع كما شرع.
وقال البهائيّ : في ( شرح الأربعين ) : ( المانعون في نيّة العبادة من قصد تحصيل الثواب أو دفع العقاب جعلوا هذا القصد مفسداً لها وإن انضمّ إليه قصد وجه الله سبحانه ، على ما يفهم من كلامهم. أمّا بقيّة الضمائم اللازمة الحصول مع العبادة نويت أو لم تنو ، كالخلاص من النفقة بعتق العبد في الكفّارة ، والحمية بالصوم ، والتبرّد في الوضوء ، وإعلام المأموم الدخول في الصلاة بالتكبير ، ومماطلة الغريم بالتشاغل بالصلاة ، وملازمته بالطواف والسعي ، وحفظ المتاع بالقيام لصلاة الليل وأمثال ذلك ، فالظاهر أن قصدها عندهم مفسد أيضاً بالطريق الأوّليّ. وأمّا الذين لا يجعلون قصد الثواب مفسداً فقد اختلفوا في الإفساد بأمثال هذه الضمائم ، فأكثرهم على عدمه ، وبه قطع الشيخ : في ( المبسوط ) (٢) ، والمحقّق : في ( المعتبر ) (٣) ، والعلّامة : في ( التحرير ) (٤)
__________________
(١) في « م » : ( شرطها ).
(٢) المبسوط ١ : ١٩.
(٣) المعتبر ١ : ١٤٠.
(٤) تحرير الأحكام ١ : ٩ ( حجريّ ).