إعلام الإمام ).
أقول : ظاهر هذه العبارة أن الضميمة متى كانت راجحة في نفسها صحّت العبادة وإن كانت المقصودة بالذات. وهذا قد عرفت ضعفه ممّا قدّمناه ، مع أنه بظاهره متنافٍ مع ما قال بعد هذا بلا فصل : ( بل تشكل الصحّة في صورة لم يكن الباعث الأصليّ هو العبادة ، كصوم شهر رمضان بضميمة الحمية بحيث لو لم تكن الحمية لما صام ؛ إذ الظاهر أنه غير مطيع لله في صوم شهر رمضان ، بل عاصٍ فيه البتّة.
نعم ، إذا كان كلّ واحد من الأمرين علّة مستقلّة للفعل وإن لم يكن معه الآخر ، فالظاهر الصحّة مثل أن صوم شهر رمضان علّة مستقلّة في إحداثه فعلاً لله ، والحمية أيضاً علّة مستقلّة ) ، انتهى.
أقول : وظاهر صدر هذه العبارة يعطي الفرق بين كون العبادة مع الضميمة الراجحة في نفسها مقصودة بالذات فتصحّ ، أو لا ، فتفسد. ثم عقّبه بما صريحه : ( إنه مع تساوي الداعيين في العلّيّة الباعثيّة تصحّ ). وهذا بظاهره منافٍ لما قبله.
وبالجملة ، فكلامه هذا مع جلالته ورياسته لا يخلو من اضطراب ، ولكن المقام عسر المأخذ.
وبالجملة ، فقد قرّرنا لك أنه لا تصحّ العبادة مع هذه الضمائم إذا شاب غاية العبادة والباعث عليها شوب قصد شيء منها وإن رجحت في نفسها وكانت مقصودة تبعاً لفرط ظهور عدم العبادة التوحيديّة لله حينئذٍ ، فكيف إذا كانت علّة مستقلّة مساوية في الباعثيّة لإرادة وجه الله وامتثال أمره؟! مع أنا نمنع تحقّق وجود عمل يكون له باعثان متساويان في الباعثيّة والعلّيّة لقصد إيقاعه لما يلزمه من اجتماع علّتين على معلول ، وهو محال عقلاً ونقلاً.
ثمّ قال رحمهالله : ( وإمّا (١) ألّا يكون راجحاً ، بل يكون مباحاً ، كالتبرّد في الوضوء أو تنظيف الوجه أو أمثال ذلك ، فإن كان الباعث الأصليّ هو العبادة والامتثال بحيث
__________________
(١) عطف على قوله : ( إمّا أن تكون راجحة كقصد الإمام .. ) المتقدّم في ص ٤٤٤.