لو لم يكن هذا القصد لم يفعل ، ولو كان يفعل البتّة وإن لم تكن نيّة الضميمة فهذا أيضاً لا يضرّه الضميمة ؛ لكون فعله من جهة الامتثال وقصد القربة والفرار عن المعصية ، تكون الضميمة معه أو لم تكن ).
أقول : لا يظهر لي أنه يمكن أن يكون مع النيّة شيء من هذه الضمائم ملحوظاً مع استقلال قصد الامتثال والقربة والإخلاص بالعلّيّة الباعثيّة على الفعل ، فإنه متى كانت الضميمة لها مدخليّة في الباعثيّة كانت الباعثيّة مركّبة البتّة ، فلم تكن لله خالصة البتّة ولو ضعفت ملحوظيّتها ، ومتى لم تكن للضميمة مدخليّة في الباعثيّة أصلاً لم تكن ملحوظة البتّة.
ثمّ قال رحمهالله : ( وكذا الحال لو كان كلّ واحد منهما علّة مستقلّة للفعل ، مثلاً الوضوء للصلاة علّة مستقلّة ، وغسل الوجه للتنظيف أيضاً علّة مستقلّة ، لكن الداعي هو الأوّل. وأمّا إذا كان الضميمة هي المقصودة بالأصالة أو لها مدخليّة في هذا القصد بحيث لولا هي لم يفعل وإن كانت جزءاً بحيث لولا قصد القربة أيضاً لم يفعل ، فهذا باطل ؛ لعدم الإخلاص وغيره ممّا اقتضاه الأدلّة ).
أقول : وهذا الكلام أيضاً لا يخلو على ضعفه من نوع اضطراب ؛ فإنه لا معنى لكون كلّ منهما علّة مستقلّة مع أن الداعي والباعث لم يكن إلّا أحدهما ؛ لأنه من البيّن الغنيّ عن البيان أنه إذا اختصّت العلّة الباعثيّة بأحدهما لم يكن للثاني مدخليّة في العلّيّة بوجه ، مع أنك قد عرفت أن من المستحيل اجتماع علّتين على شيء بلا فرق في ذلك بين أنواع العلل. ولو فرض هنا كون العلّة الباعثيّة مركّبة من الداعيين منعنا كون عبادة الله بالإخلاص على الوجه الذي أمر الله تعالى أن يعبد به على سبيل العبادة التوحيديّة ، فلا تتحقّق هذه في الوجود مع تركّب الباعث وشوبه بقصد الضميمة ولو رجحت في نفسها فضلاً عن كونها مباحة.
وما ربّما يُتخيّل من ذلك فهو وهم ، أقواه وأعلاه كحسبان يقظة أهل الكهف إن سلّمنا إمكان تخيّله ، وإلّا فهو كتخيّل سعي حبال سحرة فرعون في الحقيقة بعد