التصفية.
وقد ظهر لك استحالة تحقّق وجود الإخلاص مع تحقّق مدخليّة للضميمة في القصد بوجه ولو بالجزئيّة الضعيفة.
وأيضاً إذا حكم بالبطلان مع ملحوظيّة الضميمة ولو بعنوان الجزئيّة ، فكيف يحكم بالصحّة مع كون كلّ منهما علّة مستقلّة؟! ولا معنى لكون الضميمة علّة مستقلّة وكونها ملحوظة تبعاً ، بحيث لو لم تكن كان الفعل ؛ لأن ما هذا شأنه لا مدخليّة له في الباعثيّة على الفعل وقصده أصلاً كما لا يخفى.
ثمّ قال رحمهالله تعالى ـ : ( وممّا ذكر ظهر حال المرجوح أيضاً من الضميمة أيضاً ، سيّما إذا كانت حراماً ، كالرياء الذي يكون شركاً لا كفراً ، يعني : كون الفعل لمحض الرياء. مضافاً إلى أن النهي في العبادة يوجب فسادها إذا تعلّق بنفس العبادة أو جزئها أو شرطها. ونقل عن المرتضى : رحمهالله تعالى ـ : أن الرياء لا يوجب البطلان ، بل يوجب عدم الثواب (١).
ويردّه قوله تعالى : ( وَما أُمِرُوا إِلّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) (٢) ، وغيره. ويمكن أن يكون مراده إذا كان الباعث الأصليّ إطاعة الله تعالى ).
أقول : صدر هذه العبارة صريح في أنه متى لوحظ الرياء في العبادة كانت باطلة مطلقاً على أيّ وجه كانت ملحوظيّته ولو كانت بأضعف مراتب الملحوظيّة ، وهذا هو الموافق للنصّ كتاباً وسنّةً وللإجماع الذي لا ريب فيه. وعجز العبارة يظهر منه أنه إذا لم يكن الرياء ملحوظاً بالأصالة ، بل كان الملحوظ بالقصد الذاتيّ هو الإخلاص ، صحّت العبادة.
وهذا مع مخالفته الإجماع والكتاب والسنّة لم ينقل عن أحد ، بل المعروف من مذهب أهل البيت : صلوات الله عليهم وأتباعهم أنه متى دخل الرياء في العبادة على أيّ وجه كان بطلت ولو لحقها قبل آخرها بكلمة. ولعلّ السيّد : أراد الرياء
__________________
(١) الانتصار : ١٠٠ / المسألة : ٩.
(٢) البيِّنة : ٥.