أنه مطلوب في ضمن المطلوبيّة المطلقة ، ولا ينافيه عدم مطلوبيّة القطع ؛ لاستحالته إلّا بطريق أخبار المعصوم وإن كان ظاهر عبارته يعمّ الصنفين ، وهو أخبر بما قال.
وتحرير القول في هذه المسألة المهمّة أن نقول وبالله المستعان ـ : اعلم أن التكليفات التي دار عليها نظام الوجود الجملي التي هي السبيل إلى الله وبها حياة القلوب منقسمة إلى قسمين :
قسم اقتضت الحكمة الإلهيّة أن يأمر الله تعالى به كلّ فرد فرد ممّن استجمع شرائط التكليف به من البشر ، وهو ما به قوام وجود كلّ فرد منهم ، وبعموم تكليف كلّ فرد به قوام النظام الجملي ، أو تكليف فرد معيّن دون مَنْ سواه ، وهو المسمّى في اصطلاح الأُصوليين والفقهاء بالواجب العيني ، وهذا ينقسم باعتبار ما كُلّف به المكلّفون إلى قسمين :
أحدهما : ما اقتضت الحكمة الإلهيّة أن يكون التكليف فيه بشيء معيّن لا يقوم غيره مقامه ، وأفراده كثيرة ؛ لأنه الغالب في الواجب العيني مثل الصلوات المفروضة ، والصوم المفروض ، وغيرهما ، وهو المعروف بالواجب المعيّن.
والثاني : ما اقتضت الحكمة أن يخيّر المكلّفون فيه بين فردين ، أو أفراد ، أيّهما أو أيّهم أوقعه المكلّف في الخارج كفى في تحقّق مصلحة النظام والعدل ، وهو المعروف بالواجب المخيّر ، مثل خصال الكفّارة المخيّرة ، وغيرها.
والإجماع قائم من الفرقة على أن التكليف واقع بأحدهما أو أحدها لا على التعيين. وللعامّة فيه أقوال ثلاثة (١).
وقسم : اقتضت الحكمة الإلهيّة تعلّق التكليف بإبرازه في الخارج مطلقاً ، لا من كلّ فرد على التعيين ، ولا من فرد معيّن بخصوصه ، وهذا هو المسمّى في عرف
__________________
(١) فواتح الرحموت ( في هامش المستصفى من علم الأُصول ) ١ : ٦٦.