للضرورة الوجدانيّة من النصّ المتواتر المضمون والفتوى ، والله العالم. وبهذا يظهر دفع الإشكال.
والمشاهدة لا تحصّل أكثر من الظنّ القويّ المثمر لظاهريّة حصول المسقط ، لا العلم القطعيّ المقاوم ليقين شغل الذمّة بالتكليف ؛ لتوقّفه على معرفة الضمائر والسرائر. فإن أراد بالعلم ما ذكرناه فمرحباً بالوفاق.
والاستبعاد مسموع ؛ لأن منشأه حصول المشقّة والحرج ، واستلزامُ سقوط الواجب عند عدم العلم بقيام الغير به ممنوع ؛ لابتنائه على ندبيّة نيّة العامل ثانياً ، وفيه ما مرّ.
الثالث : لو وجد المكلّف مَنْ يُفيد فعْله أو قوله الظنّ المُسْقِط قد شرع في العمل ، مع قبول العمل ؛ لوقوعه من اثنين كصلاة الجنازة ، وردّ السلام ، وحمل الميّت ، والجهاد ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وما أشبه ذلك من الكفائيّ ، ولمّا يكمل العمل ، فهل يجوز له حينئذٍ التخلّف عنه والترك له؟
وجهان ، أحوطهما وأوفقهما بقواعد الشريعة الثاني ؛ ليقين توجّه الخطاب إليه ؛ ويقين استقرار الوجوب عليه حينئذٍ ، مع يقين عدم وجود المُسْقِط ، واحتمال عروض المفسدِ للعمل من الموت والإغماء والعجب والرياء ، وغيرها.
وللأوّل أن الظاهر في الأعصار والأمصار من عمل المسلمين ذلك ، ولأن الثاني لا يخلو من نوع حرج ، ولابتناء الباب على تحكيم الظاهر والعمل به دون الأصل ؛ لما يلزمه من العسر والحرج ، والاحتمالات لا ترفع الظاهر ، فإن انكشف وقوع شيء منها وجبت المبادرة ورجع إلى الحالة السابقة على هذا الفعل ، فكأنه لم يكن منه أثر حينئذٍ.
وفي الثاني يقين السلامة من مخالفة الأمر ، وأوْلى بذلك ما لو رأيت جنازة محمولة لم يُصلّ عليها مثلاً ولو كان حاملوها ثقات.
وقال الشهيد : في ( الروض ) في أحكام الأموات بعد حكمه بأنها كلّها كفائيّة : ( والمراد بالواجب الكفائيّ هنا : مخاطبة كلّ مَنْ عَلِم بموته من المكلّفين ممّن يُمكنُه