والنصّ (١). والوجه التخريجي فيه ما مرّ من أن الحالة الاجتماعيّة لها وحدة جمعيّة ، فالمُسَلّم على الجماعة أو الاثنين ملاحظ أنه يُسَلّم على الجميع من حيث هو مجموع لا من حيث الانفراد والتعدّد ، فالواحد منهم حينئذٍ جزء الواحد الجمعيّ المتألّف من الأفراد ، فإذا ردّ الواحد فكأنه ردّ جزء الواحد ، فيكفي عن الكلّ ، وهو أدنى مراتب عمل ما وجب على ذلك الواحد المجموعيّ ، فلو ردّ غيره ردّ وجوباً سواء ردّ الباقون دفعة أو متعاقبين ؛ إذ لا فرق بين اتّحاد زمن ردّ كلّ واحد بنفسه ، أو تعاقب أزمان ردّهم.
والواجب التخييري فيه هو التخيير في الردّ بين المثل والأحسن ، فلو قال المسلّم سَلام عليكم مثلاً ، وقال الرادّ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، كان مجموعُ الردّ فرداً من أفراد التخييريّ ، فيجب قصد الوجوب بجميع صيغة الردّ ، لا نعلم فيه خلافاً. فلا تتوهّم أن ما زاد عن المثل من صيغة الردّ مندوباً ، وإلّا لم يكن الردّ في مثله من الواجب المخيّر ، وهو من الواجب المخيّر إجماعاً ونصّاً (٢) بلا معارض.
والردّ يجب فوراً بلا خلاف يُعرف ، فلو أخّره عمداً أثِم ، وسهواً أو لعذر لم يأثم ، ولا يسقط الوجوب حينئذٍ ، بل يجب المبادرة إليه ما أمكن. ووقته العمر أداءً ؛ لعدم الدليل على تحديد وقت أدائه ، وعدم ورود القضاء فيه.
إذا عرفت هذا فاعلم أن الذي يظهر لي من اختلاف الأخبار في صيغة السلام في آخر الصلاة أن الصيغ الثلاث واجبة تخييراً ، فالمصلّي يجب عليه أحدها تخييراً ، وأن حاله كحال المسلّم في غير الصلاة ابتداءً. فعلى هذا يجب على المأموم أن يأتي بالمثل أو الأحسن تخييراً كحال الرادّ في غير الصلاة.
السادس : الكفائي قسيم للتخييري كما عرّفه ، فله شبه بالمندوب من حيث جواز الترك لا إلى بدل بعد قيام الغير به ، أو ظنّه كما مرّ. وقد ذكر ذلك الشهيد : في
__________________
(١) الكافي ٢ : ٦٤٧ / ١ ، ٣ ، وسائل الشيعة ١٢ : ٧٥ ، أبواب أحكام العشرة ، ب ٤٦ ، ح ٢ ، ٣.
(٢) الكافي ٢ : ٦٤٥ / ٩ ، وسائل الشيعة ١٢ : ٦٦ ، أبواب أحكام العشرة ، ب ٣٩ ، ح ١.