حول رؤية المعصوم عليهالسلام في المنام
ثمّ قال زاده الله صلاحاً ـ : ( السادسة : أنه ورد عن مولانا الصادق جعفر بن محمَّد عليهماالسلام : إنا لا نُشبه أحداً (١) ما مَعناه؟ وكيف يتحقَّق رؤية المعصوم في المنام؟ كيف يراه الرائي وهو لا يشبه أحداً؟ وكيف لي بمعرفته أنه هو ، وأنا لو رأيته في صورة أحد وأخبرني هو بـ : إني المعصوم؟ فكيف يتأتّى لي بأن هذه الصورة لا تشبه صورة البشر مع أني غير محيط بمعرفة صور البشر كلِّها ، حتّى أقول : إنّ هذه الصورة لا تشبه صورة البشر؟ ).
أقول وبالله المستعان ـ : إذا قال جعفر بن محمَّد عليهماالسلام : إنا لا نشبه أحداً ، فمعناه أن ذواتنا وحقائقنا ليست من نوع شيء من حقائق الخلق ، بل نحن فوق جميع الحقائق ، حقيقتنا ووجودنا فوق جميع الموجودات ، أطرافهم فوق جميع الخلق ودون الخالق ، فلهم حقيقة ووجود ، وقد اختصّوا بها لا تشبه شيئاً من حقائق الخلق. وكيف تشبه حقيقة العلّة حقيقة المعلول ، وهم علّة الخلق طرّاً؟ وقد بان وجود العلّة من المعلول لا بمزايلة. فهم عليهم صلوات الله وسلامه أنوار لاهوتيّة البسوا قوالب بشريّة لتطيق الناس رؤيتهم ( وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ ) (٢).
وليس معنى إنا لا نشبه أحداً أنهم ليسوا على الصورة البشريّة ، ولا أنهم ليسوا على صورة من صور الخلق ، فإن هذا تدفعه المعاينة والوجدان حسّا وعقلاً. بل
__________________
(١) بحار الأنوار ٣ : ١٩٦ ، وفيه : « وعصمنا من أن نشبّهه بشيء من خلقه ».
(٢) الأنعام : ٩.