معنى ( ما ) التعجبيّة الواردة في أدعيتهم عليهمالسلام
ثم قال وفّقه الله للعلم بما يعلم ونوّر فكره به ـ : ( وسنح لي مسألة أيضاً هو أنه قد ورد عنهم عليهمالسلام في أدعيتهم سبحانه من قدير ما أقدره ، وسبحانه من عليم ما أعلمه ، ومن كريم ما أكرمه (١).
وقد ذكر النحاة (٢) في ( ما ) التعجبيّة أنها بمعنى شيء ، كما قالوا في : ( ما أحسن زيداً! ) أي شيء عظيم حسَّن زيداً ، فيلزم على هذا شيء عظيم أقدره تعالى ، وشيء عظيم أعلمه ، وشيء عظيم أكرمه. فما معنى هذا؟ وكيف انطباقه على كلام النحاة؟ ).
وأقول وبمحمّدٍ وآله صلّى الله عليه وعليهم أجمعين ، أرجو من الله بلوغ المأمول ـ : ليس مدلول : ( ما أحسن زيداً! ) في حال التعجّب : ( شيء عظيم حسّن زيداً ) ، باتّفاق النحاة وأهل البلاغة ، وكلّ من عرف أساليب كلام العرب وإن بعد عهدي بمراجعة كتب العربيّة. بل مدلول : ( ما أحسن زيداً! ) في التعجّب أن حُسنَ زيد شيء عظيم يستحقّ أن يكون عجباً للأذهان ؛ لتجاوزه درجة المعتاد من حسن البشر.
والدليل على هذا اتّفاق أهل اللسان على أنه إنشاء لا إخبار وإن كان أصل موضوع الجملة خبراً كما هو شأن كلّ إنشاء. واتّفاقهم أيضاً على اتّحاد مدلول : ( ما أحسن زيداً! ) و ( أحسن بزيد! ) ولا شكّ ولا خلاف أن ( زيد ) في ( أحسن بزيد ) فاعل في المعنى ، فيكون في : ( ما أحسن زيداً! ) كذلك.
ويدلّ على ما قلناه أيضاً اتّفاقهم على أنه لا يُبنى إلّا من ثلاثيّ لازم ، ولا يكون
__________________
(١) مهج الدعوات : ١٠٩ ، بحار الأنوار ٩٢ : ٣٦٧.
(٢) مغني اللبيب : ٣٩٢ ، شرح ابن عقيل ٣ : ١٥٠.