الموطن الثاني من مواطن الخلاف
أنهم اختلفوا : هل التسليم جزء ، أو خارج؟
فالمشهور شهرةً بلغت الحدّ الذي أمرنا أهل البيت ، سلام الله عليهم ، بالأخذ بها وترك غيرها ، وأنه شاذّ نادرٌ ، بل ربّما كانت إجماعاً مشهوريّاً الجزئيّةُ ، وهو الحقّ.
قال فاضل ( المناهج ): ( اعلم أنه نقل أكثرُ الأصحابِ على جزئيّة السلام للصلاة على تقدير الوجوب الإجماع ، وربّما ظهر من كلام بعضهم ومنهم المصنّف في ( القواعد ) (١) الخلافُ. وذكر علم الهدى أنه ( لم يجد به من الأصحاب نصّاً ) (٢) ثمّ قوّى الجزئيّة.
والروايات أيضاً مختلفة ، فمنها ما يدلّ على الجزئيّة ، ومنها ما هو بخلافه ، والأظهر الجزئيّة ؛ لِمَا قد عرفت ، وإن من قال باستحباب التسليم لم يمنع من أن يكون جزءاً مندوباً لها ، بل ظاهره ذلك ، فإنه قال : إن الخروج من الصلاة بأحد ثلاثة أشياء : التسليم ، ونيّة الخروج ، وفعل المنافي ، فإذا حلّل صلاته بالتسليم كان هو المُخْرِج له عنها ، فيكون جزءاً منها ) ، انتهى.
وأقول : فَهْمُ جزئيّته من جملة من الأخبار غيرُ عزيز ، خصوصاً مثل تحريمها التكبير ، وتحليلها التسليم (٣) ، فإن المقابلة تقتضي الجزئيّة.
ومثل ما جاء في كيفيّة صلاة الخوف ، مثل صحيحة زرارة : وفضيل : ومحمّد بن
__________________
(١) تمهيد القواعد : ٣٢٣.
(٢) الناصريّات : ٢٠٩ / المسألة : ٨٢.
(٣) الكافي ٣ : ٦٩ / ٢ ، الفقيه ١ : ٢٣ / ٦٨ ، وسائل الشيعة ٦ : ١١ ، أبواب تكبيرة الإحرام ، ب ١ ، ح ١٠.