قلت : معنى العدول إلى السابقة أنه ينوي العصر فيذكر أنه لم يصلّ الظهر مثلاً ، أو ينوي الحاضر فيذكر أن عليه فائتة في أثناء المنويّة أوّلاً فيعدل ، أي ينوي أن ما فعلته ممّا نويتها من الأُولى أو الفائتة هو من المعدول لها ، ويأتي ببقيّتها بنيّة أنها من المعدول إليها.
إذا عرفت هذا فاعلم أن في عبارته ما لا يخفى :
أمّا أوّلاً ؛ فلأن تذكّر السابقة في أثناء السلام عليكم نادر بعيد جدّاً كما مرّ.
وأمّا ثانياً ؛ فلأنه على تقديره فالأظهر أنه حينئذٍ يقصد أن ما سبق منه قبل التذكّر ، وما يأتي منه بعده للسابقة وجزء منها ، كما هو الشأن في سائر أجزاء المعدول منها وإليها ، فلا بدّ حينئذٍ من تعيين المعدول إليها وتوجّه القصد بما بقي إليها ، وإلّا لم يتحقّق العدول. ويحتمل أنه يعيده حينئذٍ من أوّله ، ويسجد للسهو لما أتى به منه ؛ لأنه حينئذٍ في القصد ظاهراً لم يتحقّق منه تسليم لأحدهما ، ولا يخلو من ضعف.
وأمّا ثالثاً ؛ فلأن نيّة تعيين السابقة لا بدّ منه ، وإلّا لم يتحقّق عدول ، وهذا هنا لا معنى له إلّا نيّة تعيينه بجزئيّته للسابقة ، فلا معنى للقول بأنه لا يجب إحداث نيّة التعيين به ؛ لأن نيّة تعيين السابقة صيّرت التسليم لها ، ولأن عبارته تعطي إمكان تعيينين ، وليس كذلك.
[ الرابع (١) ] قال في ( الذكرى ) : ( يستحبّ أن يقصد الإمام التسليم على الأنبياء والأئمّة والحفظة والمأمومين لذكر أُولئك وحضور هؤلاء ، والصيغة صيغة خطاب ، والمأموم يقصد بأُولى التسليمتين الردّ على الإمام ، فيحتمل أن يكون على سبيل الوجوب ؛ لعموم قوله تعالى : ( وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها ) (٢) ، ويحتمل أن يكون على سبيل الاستحباب ؛ لأنه لا يقصد به التحيّة ، وإنما
__________________
(١) أي الرابع من التنبيهات التي ابتدأها في ص ٧٥ ، وفي المخطوط : ( الثالث ).
(٢) النساء : ٨٦.