وَبَيْنَكُمْ ) (١) قال : لو أني أُمرت أن أُعلمكم الّذي أخفيتم في صدوركم من استعجالكم بموتي ، لتظلموا أهل بيتي من بعدي فكان مثلكم : كما قال الله عزوجل ( كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ) (٢) يقول : أضاءت الأرض بنور محمَّد صلىاللهعليهوآله : كما تضيء الشمس ، فضرب مثل محمَّد صلىاللهعليهوآله : الشمس ، ومثل الوصي عليهالسلام : القمر ، وهو قوله عزّ ذكره ( جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً ) (٣) » (٤) الحديث.
قلت : لعلّ الوجه في كون الشمس مثل الرسول صلىاللهعليهوآله : وكون القمر مثل الوصيّ : سلام الله عليه أن نور القمر من نور الشمس ، كما قام عليه البرهان المتضاعف (٥) ، فلك أن تقول : إن نوره نورها حقيقةً وليس له من نفسه اعتبار ، وإنه نوره حقيقة ، فهو غير نورها حقيقة ؛ لأنه مظهره وفاضله ، وكذلك علم الوصيّ ونوره حقيقة من علم النبيّ صلىاللهعليهوآله : ونوره ، بل هو هو حقيقةً ؛ لأنه نفسه ، وهو أيضاً منه كرأسه الذي هو ينبوع العلم والإحساس من جسده ، فظهر وجه الشبه وصحّة ضربهما مثلاً لهما ، فأقبل الضياء أثر النور ، وصفته وظاهره ، فكيف توصف الشمس بالضياء ، والقمر بالنور ، مع أن نوره صفة نورها ومظهره وحكايته؟
قلت : لعلّه إشارة إلى أن الشمس تمدّ القمر بالنور ، ومن باطن باطن ظاهرها ومن جميع مراتب وجودها ، فهو حليفها ، وتميد منها في جميع مراتبه حتّى جرمه الظاهر من جرمها الظاهر ، وكذلك الوصيّ بالنسبة إلى الرسول صلىاللهعليهوآله : ، فرسالة الرسول ظاهر نبوّته ، ونبوّته ظاهر ولايته التي هي ولاية الله العظمى ، ومظهرها وحامل لوائها في كلّ مقام الذي هو لواء الحمد هو الوصيّ عليهالسلام : حتّى في الدنيا ، فنور الرسالة من نور الولاية وأثره وشعاعه ، فالنور للولاية والضوء للرسالة ، ونور الوصيّ عليهالسلام : هو نور ولاية الرسول صلىاللهعليهوآله : ، فلذا كان نفسَه ورأسَه.
__________________
(١) الأنعام : ٥٨.
(٢) البقرة : ١٧.
(٣) يونس : ٥.
(٤) الكافي ٨ : ٣١١ / ٥٧٤.
(٥) انظر غرائب القرآن ورغائب الفرقان ٣ : ٥٦٠.