الأسرار ، فهي كالبرزخ بين النبيّ صلىاللهعليهوآله : والوليّ. وأشارت الزيادة بتسبيعها إلى القسمة السباعيّة في العالم ؛ إذ لا يكون شيء في السماء والأرض إلّا بسبعة أشياء. والأفلاك سبعة ، وأملاكها سبعة ، وأيّام الأُسبوع التي جمعت أيّام الدهور والأعوام والشهور سبعة ، تشير إلى أربعة عشر هي الأيّام الحقيقيّة التي نهينا عن معاداتها. وهي ضعف السبعة بالتثنية التي هي جهة تثنية الصلاة بأصل الفرض.
وأيضاً أُبقيت منها واحدة على الأصل ؛ لئلّا تخلو من صورة أصلها ، ولتكون مبدأً لها وغايةً ، ولئلّا تخلو مرتبة من المبدأ. فالغاية هي البداية ، وكان أصلها ثنائيّاً أيضاً ؛ لأنّ مقام فرضها وظهور التكليف بها ثنائيّ ، وهو مقام العقل والنفس. أو قل : الروح ، وهو المقام الجامع بينهما ، أو قل : مقام ( نحن نحن وهو هو ) (١) ، ومقام منتهى العابدين ، ومقام وقوف العابد بين يدي المعبود ، بل هي في المقام الأرفع ، وهو مقام الإرادة المطلقة ومنقطع الصفات.
والبرزخ الكلّيّ الأعظم ركعة واحدة ، بل هي في مقام المشيئة المطلقة والوجود المطلق ذكر مجرّد سبّوح قدّوس ربّ الملائكة والروح. فلمّا وصل الأمر بالإدبار في قوس البدء إلى آخر المراتب النزوليّة ، ومجمع القوابل ، ومنتهى الكثرة ، وابتداء قوس العود ، وتكافأت القوابل ، واشتدّ المزج ، وتضاعفت الأغشية ، وكان الخلق كما قيل :
تنكر منها عرفها فاهيلها |
|
غريب وفيها الأجنبيّ اهيل |
وابتدأ السفر الرابع وحان أوان تبليغ الرسالة العظمى ظهر تضاعفها ، ونسبت الزيادة للرسول صلىاللهعليهوآله : وإن كان التكليف في الاثنتين تكليفاً بالأربع ، والتكليف بالخمس تكليفاً بالخمسين لجامعيّتها لها وثوابها عليها ، فلا نسخ لأصل أصلاً بل ظاهراً ، وإنّما هو إرجاع الجزئيّات إلى الكلّيّات. على أن نسبتها للرسول صلىاللهعليهوآله : حقيقةٌ ؛ لأنه لا ينطق عن الهوى ، فهو ممّا فوّضه الله إليه وقال له ( فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ ) (٢).
__________________
(١) انظر شرح العرشية ٢ : ١٣٢.
(٢) ص : ٣٩.