وعلى هذا قياس أحوال الأنواع في مرتبة نوعيّتها ، فحيوانيّة الإنسان لا يشاركه فيها نوع آخر من الحيوان.
ومن هنا يتبيّن صحّة القول بأنّ كلّ لازم مساوٍ لملزومه ؛ إذ ما يوجد في الغير ليس على الحقيقة بلازم. فالحركة بالإرادة ليست في الحقيقة لازم الإنسان من حيث هو إنسان ، بل من حيث هو حيوان. فإذن هي في الحقيقة لازم الحيوان وهو مساوٍ ، وعلى هذا فقس.
وإن كان أكثر أهل الميزان (١) يطلقون على هذا أنه لازم أعمّ ، ويقسّمون اللوازم إلى مساوٍ وأعمّ ، ويعنون بالأعمّ لازم بعض ذاتيّات الحقيقة ، وبالمساوي لازمها من حيث هي. فإطلاقهم أن الحركة بالإرادة لازم الإنسان كأنّه من باب المجاز ، ولا منافاة بين القولين.
هذا كلّه باعتبار المصدوق ، وواقع نفس الأمر ، والحقيقة الوجوديّة باعتبار خارج الذهن. أمّا باعتبار مفاهيم الألفاظ ووجودات معانيها ذهناً التي اقتضتها مميّزات الأنواع ومشخّصات نوعيّتها في مرتبتها ، وهي التي تتحقّق وتتقوّم بها في عمومها وكلّيّتها. وهي الوجودات العامّة باعتبار وجودها الذهني الذي به يتحقّق عمومها وكلّيّتها ، فهو كالمادّة المطلقة المرسلة الصرفة لجزئيّاتها وإن كان لا يتحقّق الحكم بأنّها مادّة لهذا الجزئيّ إلّا بلحوق صورته الشخصية المختصّة به ، فبها قوام وجود النوع في الخارجيّ.
والمفهوم الذهنيّ هو المنقسم إلى الكلّيّ والجزئيّ ، والنوع والجنس ، وهو بنظر آخر بمثابة الوجود العامّ الساري في طبيعة كلّ شيء يصدق عليه الإيجاد ، ولكن لا يظهر ويتحقّق في شخص إلّا بحسب ما يناسبه ويقبله بالاختيار ، وهو قسطه الّذي لا يليق بغيره.
هذا ، ومراتب وجود الأجناس والأنواع والأشخاص متفاضلة في نفسها
__________________
(١) انظر التعريفات : ٨٣.