والعجب أن ( إنّما ) عندهم منزل بمنزلة ( ما ) و ( إلّا ) وهما ليسا يدلّان (١) على حصر المسند إليه في المسند ، وإنّما [ يدلّان (٢) ] على حصر المسند في المسند إليه.
[ وعنى (٣) ] الشارح (٤) بقوله : ( وإمّا المساواة في الدلالة .. ) : المساواة في الصدق حتّى يصدق ( كلّ إنسان ناطق ) ، وهو شرح ليس يطابق المتن ؛ فإن المساواة ليست تفهم من ( ليس ) و ( الّا ) [ إلّا ما (٥) ] ذكره في المتن ) (٦) ، انتهى.
وقال العلّامة الحلّيّ : في ( بسط الإشارات ) في هذا المقام ما ملخّصه : الأدوات ألفاظ تلحق القضايا ، هيئاتٍ زائدةً على ما يفهم من طرفيها ، ولمّا كان المنطقيّ إنّما ينظر بالذات في المقاصد للهيئات دون الأدوات بالذكر ، ثمّ في التفصيل بحث عن الأدوات ، مثل ( إنّما ) تزاد في الحمليّات ، فيقال : ( إنّما يكون الإنسان حيواناً ) ، و: ( إنّما يكون بعض الناس كاتباً ) ، فيتبع ذلك زيادة في المعنى لم تكن مقتضاه قبل هذه الزيادة بمجرّد الحمل ؛ فإن المحمول قد يكون أعمّ من الموضوع ، وقد يكون مساوياً ، وقد يكون أخصّ كالخواصّ القاصرة.
فلفظ ( إنّما ) يدلّ على نفي العموم عن المحمول ويجعله مساوياً أو خاصّاً بالموضوع.
وكذلك قد تقول : ( إن الإنسان هو الضاحك ) بالألف واللام في الخبر فيدلّ في لغة العرب على مساواة المحمول للموضوع. وإذا دخل حرف السلب دلّ على نفي الزيادة ، فأثبت العموم ، مثل ( ليس إنّما يكون الإنسان حيواناً ) ، و: ( ليس الإنسان هو الضاحك ). وقد يدخل حرف السلب على القضيّة وينقض بحرف الاستثناء ، ويفهم منه أمران :
أحدهما : المساواة في المفهوم ، مثل : ( ليس الإنسان إلّا الحيوان الناطق ).
__________________
(١) في المخطوط بعده : ( الا ).
(٢) من المصدر ، وفي المخطوط : ( يدل ).
(٣) في المخطوط : ( على ).
(٤) يعني : المحقّق نصير الدين الطوسيّ.
(٥) من المصدر ، وفي المخطوط : ( ولا ممّا ).
(٦) الإشارات والتنبيهات ١ : ١٣٨ ـ ١٣٩ / الهامش : ١.