بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم إني أحمدك ، وأشكرك ، وأومن بك ، وأتوكل عليك ، وأقر بذنبي إليك وأشهدك أني مقر بوحدانيتك ، ومنزهك عما لا يليق بذاتك (١) مما نسبك إليه من شبهك ، وألحد فيك (٢) وأقول : إنك عدل فيما قضيت ، حكيم فيما أمضيت (٣) لطيف لما شئت (٤) لم تخلق عبادك لفاقة ، ولا كلفتهم إلا دون الطاقة ، وإنك ابتدأتهم بالنعم رحيما ، وعرضتهم للاستحقاق حكيما ، فأكملت لكل مكلف عقله ، وأوضحت له سبيله (٥) ولم تكلف مع عدم الجوارح مالا يبلغ إلا بها ، ولا مع عدم المخبر الصادق مالا يدرك إلا به.
فبعثت رسلك مبشرين ومنذرين ، وأمرتهم بنصب حجج معصومين ، يدعون إلى سبيلك بالحكمة والموعظة الحسنة ، لئلا يكون للناس عليك حجة بعدهم ، وليهلك من هلك عن بينة (٦) ويحيى من حي عن بينة ، فعظمت بذلك منتك على بريتك ، وأوجبت عليهم حمدك ، فلك الحمد عدد ما أحصى كتابك ، وأحاط به علمك ، وتعاليت عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
قال الشيخ الامام السعيد الفقيه (٧) [ نزيل الري ] أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين
__________________
(١) من صفات المخلوقين العاجزين.
(٢) أي مال إلى الباطل كالأشاعرة ومن حذا حذوهم.
(٣) أي قدرت أو أجريت كما يظهر من بعض الأخبار من أن الامضاء بمعنى القضاء والقدر.
(٤) أي لطيف في تدبيرك ، أو أنك تفعل الافعال من الألطاف الخاصة المقربة لعبادك إلى الطاعة ، المبعدة إياهم عن المعصية تفضلا عليهم. والفاقة : الحاجة.
(٥) قوله : « عقله » لأنه مناط التكليف. وقوله « سبيله » يعنى من الخير والشر كما في قوله سبحانه « وهديناه النجدين ».
(٦) أي بعدها. وقوله « يحيى » أي يهدى.
(٧) كذا في جميع النسخ التي رأيناها.