إلى أن قال موصياً للقاضي النعمان : مقتدياً في أحكامك وقضائك بكتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ، ولا من خلفه ... ، وما لم تجد منه ولا في سنّة جد أمير المؤمنين محمّد رسول الله ربّ العالمين حكمه ، التمسها في مذاهب الأئمّة من ذرّيّته الطاهرين ، البررة الراشدين ، آباء مولانا أمير المؤمنين الذي استحفظهم الله أمر دينه ، وأودعهم خزائن علمه ، ومكنون وحيه ، وجعلهم هداة العباد ، وأنوار البلاد ... ، وما التبس عليك ، فأشكل واشتبه الحكم وأعضل ، ما نهيته إلى أمير المؤمنين ; ليوقفك على وجه الحكم فيه ، فتتمثّله ، وتعمل عليه ، فإنّه بقيّة خلفاء الله تعالى المهديّين ، وسلالة الأئمّة الراشدين الطاهرين ، الذين أمر الله جلّ اسمه بسؤالهم ، والاقتباس من علمهم ، وردّ الأمر إليهم ، فقال جلّ ذكره ، وتبارك اسمه : ولو ردّوه إلى الرسول وإلى ولي الأمر منهم محمّد صلى الله عليه وعلى آله لعلمه الذين يستنبطونه منهم (١).
وقال تعالى : ( فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) (٢).
وقال النبي الناطق والرسول الصادق : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا على الحوض » فمن اهتدى بأولياء الله في أرضه فقد اهتدى ، إلى آخر كلامه (٣).
وغيرها من النصوص العديدة التي تثبت اعتقاده باستمرار الإمامة إلى
____________
١ ـ من الواضح أنّه نقل مضمون الآية ، والآية هي : ( وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً ) النساء : ٨٣.
٢ ـ سورة النمل : ٤٣.
٣ ـ اختلاف أصول المذاهب : ٤٦.