مَعاطٍ ، قال : ولا يمتنع أن يجىء على الأصل معاطِىّ ، كأثافىّ ، فكذلك لا يمتنع أن يقال أعادىُّ.
وأما عُداة فجمع عادٍ ، حكَى أبو زيْد عن العرب : أشمت الله عادِيَك ، أى عَدُوّك ، وهذا مُطَّرِد فى باب فاعِل ، مما لامه حَرْفُ علة ، أعنى أن يكَسَّر على فُعَلَة ، كقاضٍ وقُضاة ، ورامٍ ورُماة ، وهو قول سيبويه فى باب تكسير ما كان من الصفة عِدَّتُه أربعةُ أحرف ، وهذا شبيه بلفظ أكثر الناس ، فى توهُّمهم أن كماةً جمع كَمِىّ ، وفَعيل ليس مما يكسر على فُعَلة ، وإنما جَمْع كمىّ أكْماء ، حكاه أبو زيد. فأما كُماة فجمع كامٍ ، من قولهم : كمَى شجاعته وشَهادته : كتمها.
وأما عِدًى وعُدًى فاسمان للجمع ، لأنّ فِعَلاً وفُعَلاً ليسا بصيغتى جمع ، إلا لفِعْلة أو فُعْلة ، وربما كانت لفَعْلة ، وهى قليلة ، وذلك كهَضْبة وهِضَب ، وبَدْرة وبِدَر.
فأينَ عِلْمُ أبى عبد الله بن الأعرابىّ بأسرار هذه الصّيغ من علمى ، أو فَهْمُه لغوامض تأوّلها من فهمى؟ إلى غير ذلك ، مما لو تقصَّيته لأتعبت الخاطر ، وملأت القَماطر (١) ، لكنى آثرت طريق التقليل ، إذ أقلّ من ذلك كافٍ فى التمثيل.
فلما رأى أيَّده الله تلك الكتب المصنَّفة فى هذه اللغة الرئيسة ، الرائقة النفيسة ، لم يرضَها أسلاكا لِتُومِها (٢) ، ولا أفلاكا لطوالع نجومها ، فأزْمَعَ التأليف ، وأجمع بذاته فيها التصنيف ، ليُودِعها صِوَانا يشاكل قدرها ، وإيْوَانا عاديًا يماثل خَطَرَها ، وهذه عادة همته فيما يبتنيه من عَلىِّ المفاخر ، ويقتنيه من سَنِىِّ المآثر ، إنما له من كلّ مجد عُيونُه ، ومن كل فخر عَذَارُاه لا عُونُه (٣) ، وإنما هو كما قال أبو الطَّيِّب :
تَرَفَّعَ عَن عُون المكارمِ قدْرُه |
|
فما يفعَل الفَعْلات إلا عَذَارِيا (٤) |
فرُبَّ عَوَانٍ قد أسفَرَتْ إليه منها ، فغَضَّ طَرْفه دُونها تنزّها عنها ، وكم بِكْرٍ منها أتته عَفْوا ، فشرِب بها صَفْوا ؛ وقد لجَّ بغيره فى إثْرها الجِدّ ، وخيرٌ من الجِدّ عندى الجَدّ ، وإن
__________________
( وعع ) ، ( صرف ) ، ( حمم ) ، ( غنم ) ، ( دهده ) ، ( عدا ) ؛ وتاج العروس ( فسج ) ؛ والمخصص ( ٤ / ٤٧ ، ٧ / ٦١ ، ١٣٨ ).
والفسج : جمع فاسج وفاسجة هى التى ضربها الفحل قبل أن تستحق الضراب ، والعيطموس : الناقة الفتية الحسنة الخلق ، وجمع عيطموس على عطامس ضرورة. ( من هامش الكتاب ).
(١) القمَطْر والقِمْطَرة : ما تصان فيه الكتب ، والجمع ، قَماطر.
(٢) التُّومة : اللؤلؤة ؛ والجمع : تُوَمٌ وتُومٌ ، أو هى حبة تعمل من الفضة كالدرة ، والتُّومة : القرط فيه حبة.
(٣) العوان من النساء التى قد كان لها زوج ، وقيل : هى الثيب ، والجمع : عُون.
(٤) البيت لأبى الطيب المتنبى فى ديوانه ( ٢ / ٢٠٤ ).