ثانيهما : صحيح الحلبي المرويّ في الكافي ( ج ٥ ص ٤٤٥ ) عن أبي عبدالله عليه السلام قال : جاء رجل الى أمير المؤمنين ، فقال : إنّ إمرأتي حلبت من لبنها في مكوك ـ أي طاس يشرب به ـ فاسقته جاريتي ، فقال : أوجع امرأتك وعليك بجاريتك ، وهو هكذا في قضاء علي عليه السلام (١).
أقول : الاستدلال بالحديث على المقام موقوف على أنّ الجارية كان عمرها ما دون الحولين ، وهو غير ثابت ، بل ربما يشعر قوله عليه السلام : « عليك بجاريتك » بكبرها ، وإيجاع المرأة من جهة قصدها تحريم الجارية على زوجها ؛ فالعمدة في إثبات فتوى المشهور هو مفهوم الرضاع الوارد في القرآن (٢) والحديث ، فإنّه القام الثدي والتقامه وتناول ما ينزل من الثدي كما قيل.
وعن جمهور فقهاء أهل السنة ومنهم أبو حنيفة ومالك والشافعي أنّ الرضاع المحرِم ( بكسر الراء ) كلّ ما يصل الى جوف الصبي عن طريق حلقه مثل الوجور ، بل ألحقوا به السعوط وهو أنْ يصيب اللبن في أنفه ، بل بالغ بعضهم فألحق الحقنة عن طريق الدبر بالوجور والسعوط. وعن جماعة من أهل السنة الوقوف على مفهوم الرضاع كما هو مذهب مشهور فقهائنا الاِمامية (٣).
ودليل هؤلاء الذين أهملوا عنوان الرضاع من جمهور أهل السنة وبعض علماء الشيعة أنّ الغاية المطلوبة هي انبات اللحم وشد العظم ، وهي تحصل بغير المص أيضاً.
__________________
(١) ص ٤١٢ ج ٢٢ جامع الاحاديث.
(٢) النساء آية ٢٣.
(٣) ص ٥١ وص ٥٢ الانجاب في ضوء الاسلام.