المسألة الثامنة عشرة
في دفع الموت في الجملة
من الممكن قدرة الطب ـ في مستقبل قريب أو بعيد ـ على حفظ الصحة العامة للبدن وحفظ خلاياه عن الفتور والفساد ، فلا يستبدل الشباب بالهرم والشيخوخة ، فيدفع الموت ويطيل عمر الانسان ، بل تأثير الطب في دفع الامراض المهلكة وتكثير النسل الانساني وطول العمر في الجملة واقع بالفعل ومن زمن ولا مجال لانكاره.
وقد يتوهم حرمة دفع الموت شرعاً لجريان سنة الله على أنّ كل نفس ذائقة الموت ، قال الله سبحانه وتعالى : ( اينما تكونوا يُدرِكْكُمُ الموت ... ) (١) ، وقال تعالى : ( والله خلقكم ثُمّ يتوفّاكم ) (٢) ، وقال سبحانه : ( قل إنّ الموت الذي تفرون منه فإنّه ملاقيكم ) (٣).
أقول : إنْ أراد هذا القائل أنّ الله تعالى أراد موت كل انسان حين أجله استناداً الى هذه الآيات وامثالها ، فلا يجوز دفعه ، لاَنّه تعجيز له تعالى! فهو هذيان والقائل به جاهل بالله وقدرته وربما لا يكون مؤمناً ، قال الله تعالى : ( وإذا قضى أمراً فإنّما يقول له كُنْ فيكون ) (٤) ، وقال تعالى : ( والله غالب على امره ) ، وقال سبحانه : ( وما كان الله ليعجزه من شيء في
__________________
(١) النساء آية ٧٨.
(٢) النحل آية ٧٠.
(٣) الجمعة آية ٨.
(٤) البقرة آية ١١٧.