أقول : هذه الاَقوال الاَربّعة لعلماء الطب الذي هو في حال تطوّره وطريق تكامله ، وقد عرفت أنها ضعيفة غير قابلة للاعتماد ، وقبل الانتقال إلى القول الحق لا بدّ من بيان أمر هام يجب الالتفات إليه ومراعاته في كلّ باب ، وهو أنّ ما ذكره أهل الطب وساير العلوم التجربية على أقسام :
منها ما ثبت بالحس والتجربة بحيث لا يقبل الترديد ، وهذا مما لا شك في قبوله بحكم العقل والفطرة ، فإنْ وجد في القرآن المجيد أو الاَحاديث المعتبرة ما يخالفه بظاهره وجب ردّ علم هذا الظاهر من الكتاب والسنة إلى الله سبحانه وتعالى ، ولا معنى للتعبد به على خلاف الحس كما بيّن ذلك في علم الكلام بأوضح برهان.
ومنها ما هو استنباطات وآراء ظنية من هؤلاء العلماء الاختصاصيين ، ولا عبرة بها كما لا قيمة بآراء الفقهاء والاُصوليين والمجتهدين من علماء الدين ، بل وآراء الصحابة العدول والسلف الصالح ( رض ) في مقابل الاَدلة الشرعية من ظواهر الكتاب والسنة ، ولا يجوز لنا تقليدهم بحال ، فإنّ قداسة أحدٍ ، أمرٌ وتقليده أمرٌ آخرٍ ولا ملازمة بينهما.
ومنها ما هو مبني على الاحصائيات المحدودة محلاً ووقتاً ، وهذا أيضاً لا اعتبار به ، فليس كلّ ما ذكر أو بني عليه في العلوم أمراً حسياً وحقيقة واقعية يجب قبوله كما ربما يتخيّل من لا فهم له ، كما أنه لا يجوز ردّ ما ثبت بطريق حسّي أو قطعي كالحس لاَجل فتوى سلف أو حديث ضعيف بل معتبر ، فإنّ الاَحاديث كظواهر الكتاب ظنية ، والظن يضمحل عند العلم بخلافه ، اللّهم إلاّ عند من لا عقل له.
إذا تقرر هذا فاعلم أنّ البحث هنا عن عدّه أُمورٍ تناسب المقام على نحو الاختصار :