هذه المرحلة ثمّ في المستقبل الى المراحل التي لا تقع في ذهننا اليوم ، ومن المحسوس عجز الحيوانات عن هذا التحول.
( البحث الثالث ) في حقيقة الانسان :
إنّ الاِنسان له بدن مادي محسوس وله نفس انسانية سوى البدن ، والكلام فيه تارة من جهة العقل ، واُخرى من جهة دلالة القرآن ، وثالثة من جهة العلم.
ونحن نذكر في الجهة الاُولى ، كلام بعض المفسرين من أهل المعقول ، وإنْ كان لنا نقاش أو ايراد على بعض كلامه. ثم إنّ بحثه وان كان في تجرد النفس لكنه يفي بالمقام ، قال :
هل النفس مجرّدة عن المادة؟ ( ونعني بالنفس ما يحكى عنه كلّ واحد منا بقوله : أنا؛ وبتجرّدها عدم كونها أمراً مادياً ذا انقسام وزمان ومكان ).
إنا لا نشك في أنا نجد من أنفسنا مشاهدة معنى نحكي عنه : بـ : أنا ، ولا نشك أنّ كلّ إنسان هو مثلنا في هذه المشاهدة التي لا نغفل عنه حيناً من أحيان حياتنا وشعورنا ، وليس هو شيئاً من أعضائنا وأجزاء بدننا التي نشعر بها بالحس أو بنحو من الاستدلال كأعضائنا الظاهرة المحسوسة بالحواس الظاهرة من البصر واللمس ونحو ذلك وأعضائنا الباطنة التي عرفناها بالحس والتجربة ، فإنا ربما نغفل عن كل واحد منها وعن كلّ مجموع منها حتى عن مجموعها التام الذي نسميه بالبدن ولا نغفل قط عن المشهود الذي نعبر عنه : بـ : أنا ، فهو غير البدن وغير أجزائه.
وأيضاً : لو كان هو البدن أو شيئاً من أعضائه أو أجزائه أو خاصة من الخواص الموجودة فيها ـ وهي جميعاً مادية ، ومن حكم المادة التغير