( البحث الرابع ) النفس والروح مفهومان لحقيقة واحدة فهما موجود واحد قطعاً ، ومهما قيل في الفرق بينهما فهو بلحاظ الاعتبارات والمراتب لا غير ، فإنّ كلّ انسان يدرك من ضميره أنّه واحد لا اثنان! ، وتخيل التعدد من أوهام العوام ومن بحكمهم من مدعي العلم المبتلين بالجهل المركب.
ويناسب هنا أنْ نرجع الى الكتاب والسنة لنرى رأيهما في حقهما وما يتعلّق بهما من خصوصياتهما.
أما الروح فقد استعملت في القرآن في معان مختلفة غير ما به حياة الانسان وشخصيته ، بل ليس فيه ان آدم عليه السلام اعطاه الله روحاً ، وإنّما فيه أنّه تعالى نفخ في آدم من روحه (الحجر ٢٩ ـ ص ٧٢) كما ورد ( مثله ) في حق عيسى عليه السلام ، فلعل المراد من النفخ هو الاحياء فقط لا ان آدم وعيسى صاحبا روح (١).
وأما قوله تعالى : ( ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي ) فالمراد بها مجهول ، ويحتمل أنها الروح الاَمين أو روح القدس (٢) ، أو أُريد به ما أُريد بقوله تعالى : ( تنزل الملائكة والروح ) ، وبقوله : ( يوم يقوم الروح والملائكة صفاً ) ، أو روح الانسان. لكن في الاَحاديث أنّه خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل ... (٣).
وأما قوله تعالى : ( اُولئك كتب في قلوبهم الاِيمان وأيّدهم بروح منه ) ( المجادلة ٢٢ ) فهي الروح المؤيدة للمؤمنين ـ رزقنا الله بفضله ـ
__________________
عشرة حول النسيج الشبكي ما ينفع للمقام. وكذا في الفصل الرابع في جواب الاشكال السابع.
(١) نعم الاحاديث تدل على أن للانسان روحاً كما تأتي.
(٢) بناء على أنه غير الروح الاعلين أي جبرئيل وفيه بحث.
(٣) لاحظ ج ١٨ وغيره من بحار الانوار.