منى. قال : فممن الدواء؟ قال : منى. قال : فما بال الطبيب؟ قال : رجل أرسل الدواء على يديه ».
وفى قوله صلىاللهعليهوسلم : « لكل داء دواء » ، تقوية لنفس المريض والطبيب ، وحث على طلب ذلك الدواء والتفتيش عليه. فإن المريض إذا استشعرت نفسه أن لدائه دواء يزيله : تعلق قلبه بروح الرجاء ، وبرد من حرارة اليأس ، وانفتح له باب الرجاء. ومتى قويت نفسه : انبعثت حرارته الغريزية ، وكان ذلك سببا لقوة الأرواح الحيوانية والنفسانية والطبيعية. ومتى قويت هذه الأرواح : قويت القوى التي هي حاملة لها : فقهرت المرض ودفعته. وكذلك الطبيب : إذا علم أن لهذا الداء دواء ، أمكنه طلبه والتفتيش عليه.
وأمراض الأبدان على وزان أمراض القلوب ، وما جعل الله للقلب مرضا إلا جعل له شفاء بضده. فإن علمه صاحب الداء واستعمله ، وصادف داء قلبه ـ : أبرأه بإذن (١) الله تعالى.
( فصل ) في هديه صلىاللهعليهوسلم : في الاحتماء من التخم والزيادة في الاكل على قدر الحاجة ، والقانون الذي ينبغي مراعاته في الأكل والشرب.
في المسند وغيره ـ عنه صلىاللهعليهوسلم ـ أنه قال : « ما ملا آدمي وعاء شرا من بطن ، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه ، فإن كان لابد فاعلا : فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه » (٢).
( فصل ) الأمراض نوعان : أمراض مادية تكون عن زيادة مادة : أفرطت في البدن حتى أضرت بأفعاله الطبيعية ، وهى الأمراض الأكثرية. وسببها : إدخال الطعام على البدن قبل هضم الأول ، والزيادة في القدر الذي يحتاج إليه البدن ، وتناول الأغذية القليلة النفع ، البطيئة الهضم ، والا كثار من الأغذية المختلفة التراكيب المتنوعة. فإذا ملا الآدمي بطنه من هذه الأغذية ، واعتاد ذلك ـ : أورثته أمراضا متنوعة ، منها بطئ
__________________
(١) كذا بالزاد (٦٨) وفى الأصل : « بأن » وهو تحريف.
(٢) وأخرجه أيضا : الترمذي ، وابن ماجة ، والحاكم وابن حبان في صحيحيهما. وقال الترمذي : حسن وفى نسخة : حسن صحيح. ومعنى « بحسب ابن آدم » : يكفيه. وصلبه : ظهره ، مجازا في جميع البدن : لأنه عماده الذي يقوم به. اه ق.