ليبين لهم أن الله سبحانه هو الذي يمرض ويشفى. ونهى عن القرب منه : ليتبين لهم أن هذه من الأسباب التي جعلها الله مفضية إلى مسبباتها. ففي نهيه : إثبات الأسباب ، وفى فعله : بيان أنها لا تستقل بشئ ، بل الرب سبحانه إن شاء سلبها قواها فلا تؤثر شيئا ، وإن شاء أبقى عليها قواها فأثرت.
وقالت فرقة أخرى : بل هذه الأحاديث فيها الناسخ والمنسوخ ، فينظر في تاريخها : فإن علم المتأخر منها حكم بأنه الناسخ ، وإلا توقفنا فيها.
وقالت فرقة أخرى : بل بعضها محفوظ ، وبعضها غير محفوظ. وتكلمت في حديث « لا عدوى » وقالت : قد كان أبو هريرة يرويه أولا ، ثم شك فيه فتركه ، وراجعوه فيه وقالوا له : سمعناك تحدث ، فأبى أن يحدث به. قال أبو سلمة : فلا أدرى أنسى أبو هريرة؟ أم نسخ أحد الحديثين الآخر؟. وأما حديث جابر : « أن النبي صلىاللهعليهوسلم أخذ بيد مجذوم ، فأدخلها معه في القصعة » ، فحديث لا يثبت ولا يصح ، وغاية ما قال فيه الترمذي : أنه غريب لم يصححه ، ولم يحسنه. وقد قال شعبة وغيره : اتقوا هذه الغرائب. قال الترمذي : ويروى هذا من فعل عمر ، وهو أثبت. فهذا شأن هذين الحديثين اللذين عورض بهما أحاديث النهى ـ : أحدهما رجع أبو هريرة عن التحديث به وأنكره ، والثاني لا يصح عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم. والله أعلم وقد أشبعنا الكلام في هذه المسألة ، في كتاب المفتاح (١) ، بأطول من هذا. وبالله التوفيق.
فصل في هديه صلىاللهعليهوسلم في المنع من؟؟ التداوي بالمحرمات
روى أبو داود في سننه ـ من حديث أبي الدرداء ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : « إن الله أنزل الداء والدواء ، وجعل لكل (داء) (٢) دواء. فتداووا ولا تداووا بالمحرم » (٣).
__________________
(١) ص ٥٨٩ ـ ٥٩٠ ، ٦٠٢ ـ ٦٠٧ ، ٦١٣ ـ ٦٢٠ ، ٦٢٢ ط ثانية.
(٢) زيادة عن الزاد ١١٤ متعينة ثابتة.
(٣) وأخرجه أيضا الطبراني. ورجاله ثقات اه ق.