كل داء يؤذيك ، ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك ، باسم الله أرقيك ».
فإن قيل : فما تقولون في الحديث الذي رواه أبو داود : « لا رقية إلا من عين أو حمة » ، والحمة : ذوات السموم كلها؟.
فالجواب : أنه صلىاللهعليهوسلم لم يرد به نفى جواز الرقية في غيرها ، بل المراد به : لا رقية أولى وأنفع منها في العين والحمة. ويدل عليه سياق الحديث ، فإن سهل بن حنيف قال له لما أصابته العين : أو في الرقي خير؟ فقال : « لا رقية إلا في نفس أو حمة » ، ويدل (١) عليه سائر أحاديث الرقي العامة والخاصة. وقد روى أبو داود من حديث أنس ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : « لا رقية إلا من عين ، أو حمة ، أو دم لا يرقأ ». (٢) وفى صحيح مسلم عنه أيضا : « رخص رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الرقية من العين والحمة والنملة ».
فصل في هديه صلىاللهعليهوسلم في رقية اللديغ بالفاتحة
أخرجا في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري ، قال : « انطلق نفر من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم في سفرة سافروها ، حتى نزلوا على حي من أحياء العرب ، فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم. فلدغ سيد ذلك الحي ، فسعوا له بكل شئ لا ينفعه شئ. فقام بعضهم : لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا ، لعلهم أن يكون عند بعضهم شئ فأتوهم فقالوا : يا أيها الرهط ، إن سيدنا لدغ وسعينا له بكل شئ لا ينفعه شئ (٣) ، فهل عند أحد منكم من شئ؟ فقال بعضهم : نعم ، والله إني لارقى ، ولكن استضفناكم فلم تضيفونا ، فما أنا براق حتى تجعلوا لنا جعلا. فصالحوهم على قطيع من الغنم. فانطلق يتفل عليه ، ويقرأ الحمد لله رب العالمين. فكأنما نشط من عقال. فانطلق يمشى وما به قلبة. قال : فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه ، فقال بعضهم : اقتسموا. فقال الذي رقى : لا تفعلوا حتى نأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ،
__________________
(١) كذا بالزاد ١٢١. وهو الظاهر. وفى الأصل : يدل.
(٢) وأخرجه أيضا الحاكم في صحيحه. اه ق. وهذا لفظ الأصل والفتح الكبير ٣ / ٣٤٤. وفى الزاد وسنن أبي داود ٤ / ١١ : أو دم يرقأ. وهو تحريف.
(٣) هذا لم يرد في الزاد.