ففي هذه الرقية ، توسل إلى الله : بكمال ربوبيته ، وكمال رحمته بالشفاء ، وأنه وحدهالشافي ، وأنه لا شفاء إلا شفاؤه. فتضمنت التوسل إليه : بتوحيده وإحسانه وربوبيته.
فصل في هديه صلىاللهعليهوسلم في علاج مر المصيبة وحزنها
قال تعالى : ( وبشر الصابرين ، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا : إنا لله وإنا إليه راجعون. أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة ، وأولئك هم المهتدون ).
وفى المسند عنه صلىاللهعليهوسلم ، أنه قال : « ما من أحد تصيبه مصيبة فيقول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم : أجرني في مصيبتي ، وأخلف لي خيرا منها ـ إلا آجره (١) الله في مصيبته ، وأخلف له خيرا منها (٢) ».
وهذه الكلمة من أبلغ علاج المصاب ، وأنفعه له في عاجلته وآجلته. فإنها تتضمن أصلين عظيمين ـ إذا تحقق العبد بمعرفتهما تسلى عن مصيبته ـ ( أحدهما ) : أن العبد وأهله وماله ملك لله عز وجل حقيقة ، وقد جعله عند العبد عارية. فإذا أخذه منه ، فهو كالمعير : يأخذ متاعه من المستعير. وأيضا : فإنه محفوف بعدمين : عدم قبله ، وعدم بعده. وملك العبد له متعة (٣) معارة في زمن يسير. وأيضا : فإنه ليس هو (٤) الذي أوجده عن عدمه ، حتى يكون ملكه حقيقة ، ولا هو الذي يحفظه من الآفات بعد وجوده ، ولا يبقى عليه وجوده. فليس له فيه تأثير ولا ملك حقيقي. وأيضا : فإنه متصرف فيه بالامر ، تصرف العبد المأمور المنهى ، لا تصرف الملاك. ولهذا لا يباح له من التصرفات فيه ، إلا ما وافق أمر مالكه الحقيقي.
( والثاني ) : أن مصير العبد ومرجعه إلى الله مولاه الحق ، ولا بد أن يخلف الدنيا (٥)
__________________
(١) بالزاد ١٢٥ : أجاره وهو صحيح إن ثبتت رواية « أجرني » بكسر الجيم. وانظر : مسند أحمد ٦ / ٣١٧ ، والنهاية ١ / ١٧ ، واللسان ٥ / ٦٥ والمختار : ( أجر ).
(٢) كذا بالزاد. وفى الأصل : معها. وهو تصحيف.
(٣) بالأصل والزاد : منعه. وهو تصحيف.
(٤) هذا لم يرد بالزاد.
(٥) كذا بالزاد. وفى الأصل : الدينار. وهو تحريف.