ربما كان فيه قذاة أو غيرها ، لا يراها عند الشرب ، فتلج جوفه. ( ومنها ) : أن الشرب كذلك يملا البطن من الهواء ، فيضيق عن أخذ حظه من الماء ، أو يزاحمه ، أو يؤذيه. ولغير ذلك من الحكم.
فإن قيل : فما تصنعون بما في جامع الترمذي : « أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، دعا بإداوة يوم أحد ، فقال : اختنث فم الإداوة. ثم شرب منها من فمها ».؟
قلنا : نكتفي فيه بقول الترمذي : « هذا حديث ليس إسناده بصحيح ، وعبد الله ابن عمر العمرى يضعف من قبل حفظه. ولا أدري : سمع من عيسى ، أولا؟ ». انتهى. يريد : عيسى بن عبد الله ، الذي رواه عنه عن رجل من الأنصار.
( فصل ) وفى سنن أبي داود ـ من حديث أبي سعيد الخدري ـ قال : « نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، عن الشرب في ثلمة القدح ، وأن ينفخ في الشراب ».
وهذا من الآداب التي يتم بها مصلحة الشارب. فإن الشرب من ثلمة القدح فيه عدة مفاسد : ( أحدها ) (١) : أن ما يكون على وجه الماء ـ من قذى أو غيره ـ يجتمع إلى الثلمة ، بخلاف الجانب الصحيح.
( الثاني ) : أنه ربما شوش على الشارب ، ولم يتمكن من حسن الشرب من الثلمة.
( الثالث ) : أن الوسخ والزهومة تجتمع في الثلمة ، ولا يصل إليها الغسل ، كما يصل إلى الجانب الصحيح.
( الرابع ) : أن الثلمة محل العيب في القدح ، وهى أردأ مكان فيه. فينبغي تجنبه وقصد الجانب الصحيح : فإن الردئ من كل شئ لاخير فيه. ورأى بعض السلف رجلا يشترى حاجة رديئة ، فقال : « لا تفعل ، أما علمت أن الله نزع البركة من كل ردئ؟! ».
( الخامس ) : أنه ربما كان في الثلمة شق أو تحديد يخرج فم الشارب. ولغير هذه من المفاسد.
__________________
(١) كذا بالزاد ١٤١. وفى الأصل : أحدهما. وهو تحريف.