وإما لتقصيره في معرفة التماثل والاختلاف ، وإما لنسبته (١) إلى شريعته ما لم ينزل به سلطانا ، بل يكون من آراء الرجال. فبحكمته وعدله ظهر خلقه وشرعه ، وبالعدل والميزان قام الخلق والشرع ، وهو : التسوية بين المتماثلين ، والتفريق بين المختلفين. وهذا كما أنه ثابت في الدنيا ، فهو كذلك يوم القيامة. قال تعالى : ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا (٢) يعبدون ، من دون الله ، فاهدوهم إلى صراط الجحيم ). قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ـ وبعده الإمام أحمد رحمه الله ـ : « أزواجهم : أشباههم ونظراؤهم ». وقال تعالى : ( وإذا النفوس زوجت ) ، أي : قرن كل صاحب عمل بشكله ونظيره ، فقرن بين المتحابين في الله : في الجنة ، وقرن بين المتحابين في طاعة الشيطان : في الجحيم. فالمرء مع من أحب شاء أو أبى. وفى صحيح الحاكم وغيره ـ عن النبي صلىاللهعليهوسلم ـ : « لا يحب المرء قوما إلا حشر معهم ».
والمحبة أنواع متعددة. فأفضلها وأجلها : المحبة في الله ولله ، وهى تستلزم محبة ما أحب الله ، وتستلزم محبة الله ورسوله ( ومنها ) : محبة الاتفاق في طريقة أو دين ، أو مذهب أو نحلة ، أو قرابة أو صناعة ، أو مراد ما. ( ومنها ) : محبة لنيل غرض من المحبوب إما من جاهه ، أو من ماله ، أو من تعليمه وإرشاده ، أو قضاء وطر منه. وهذه هي المحبة العرضية : التي تزول بزوال موجبها ، فإنه من ودك لأمر ولى عند انقضائه.
وأما محبة المشاكلة والمناسبة التي بين المحب والمحبوب ، فمحبة (٣) لازمة : لا تزول إلا لعارض يزيلها. ومحبة العشق من هذا النوع : فإنها استحسان روحاني ، وامتزاج نفساني ولا يعرض في شئ من أنواع المحبة ـ : من الوسواس والنحول ، وشغل البال والتلف. ـ ما يعرض من العشق.
__________________
(١) كذا بالزاد. وفى الأصل : النسبة. وهو تصحيف.
(٢) كذا بالزاد وسورة الصافات : (٢٢). وفى الأصل : كان. وهو تحريف.
(٣) كذا بالزاد. وفى الأصل : فمحبته. وهو تحريف.
(١٤ ـ الطب ـ النبوي)