وأهدى إليه طعام فيه ثوم ، فأرسل به إلى أبى أيوب الأنصاري ، فقال : يا رسول الله ، تكرهه وترسل به إلي؟! فقال : « إني أناجي من لا تناجى ».
وبعد : فهو حار يابس في الرابعة ، يسخن إسخانا قويا ، ويجفف تجفيفا بالغا نافعا (١) للمبرودين ولمن مزاجه بلغمي ، ولمن أشرف على الوقوع في الفالج. وهو مجفف للمني ، مفتح للسدد ، محلل للرياح الغليظة ، هاضم للطعام ، قاطع للعطش ، مطلق للبطن ، مدر للبول. يقوم في لسع الهوام وجميع الأورام الباردة ، مقام الترياق. وإذا دق وعمل به (٢) ضماد على نهش الحيات ، أو في لسع العقارب ـ : نفعها ، وجذب السموم منها ، ويسخن البدن ، ويزيد في حرارته ، ويقطع البلغم ، ويحلل النفخ ، ويصفى الحلق ، ويحفظ صحة أكثر الأبدان ، وينفع من تغير المياه والسعال المزمن. ويؤكل نيئا (٣) ومطبوخا ومشويا. وينفع من وجع الصدر من البرد ، ويخرج العلق من الحلق. وإذا دق مع الخل والملح والعسل ، ثم وضع على الضرس المتأكل : فتته وأسقطه ، وعلى الضرس الوجع : سكن وجعه. وإن دق منه مقدار درهمين ، وأخذ مع ماء العسل ـ : أخرج البلغم والدود. وإذا طلى بالعسل على البهق : نفع.
ومن مضاره : أنه يصدع ويضر الدماغ والعينين ، ويضعف البصر والباه ، ويعطش ، ويهيج الصفراء ، ويجيف رائحة الفم. ويذهب رائحته : أن يمضغ عليه ورق السذاب.
٣ ـ ( ثريد ). ثبت في الصحيحين عنه صلىاللهعليهوسلم ، أنه قال : « فضل عائشة على النساء : كفضل الثريد على سائر الطعام ».
والثريد ـ وإن كان مركبا ـ فإنه مركب من خبز ولحم. فالخبز أفضل الأقوات ، واللحم سيد الادام. فإذا اجتمعا : لم يكن بعدهما غاية.
وتنازع الناس : أيهما أفضل؟ والصواب : أن الحاجة إلى الخبز أكثر وأعم ، واللحم أجل وأفضل ، وهو أشبه بجوهر البدن من كل ما عداه ، وهو طعام أهل الجنة. وقد قال تعالى لمن طلب البقل والقثاء والفوم والعدس والبصل : (أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي
__________________
(١) بالزاد ١٦٠ : نافع. وما في الأصل أحسن.
(٢) بالأصل والزاد : فيه!.
(٣) كذا بالزاد. وفى الأصل : نيا. وهو لغة عامية على ما في المصباح : (نئ).