من ماء البحر إلا ألطفه. والجو صاف ، وهو خال من الأبخرة الدخانية والغبار المخالط للماء. وكل هذا يوجب لطفه وصفاءه ، وخلوه من مخالط.
وقال من رجح الربيعي : الحرارة توجب تحلل الأبخرة الغليظة ، وتوجب رقة الهواء ولطافته. فيخف بذلك الماء وتقل أجزاؤه الأرضية ، وتصادف وقت حياة النبات والأشجار وطيب الهواء.
وذكر الشافعي ـ رحمه الله ـ عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، قال : « كنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأصابنا مطر : فحسر ثوبه (١) منه ، وقال : إنه حديث عهد بربه ». وقد تقدم في هديه في الاستسقاء ، ذكر استمطاره صلىاللهعليهوسلم وتبركه بماء الغيث عند أول مجيئه.
حرف الفاء
١ ـ ( فاتحة الكتاب ) ، وأم القرآن ، والسبع المثاني ، والشفاء التام ، والدواء النافع ، والرقية التامة ، ومفتاح الغنى والفلاح ، وحافظة القوة ، ودافعة الهم والغم والخوف والحزن ، لمن عرف مقدارها ، وأعطاها حقها ، وأحسن ترتيلها (٢) على دائه ، وعرف وجه الاستشفاء والتداوي بها ، والسر الذي لأجله كانت كذلك.
ولما وقع بعض الصحابة على ذلك : رقى بها اللديغ ، فبرأ لوقته. فقال له النبي صلىاللهعليهوسلم : « وما أدراك أنها رقية ».
ومن ساعده التوفيق ، وأعين بنور البصيرة ـ حتى وقف على أسرار هذه السورة ، وما اشتملت عليه : من التوحيد ، ومعرفة الذات والأسماء والصفات والافعال ، وإثبات الشرع والقدر والمعاد ، وتجريد توحيد الربوبية والإلهية ، وكمال التوكل والتفويض إلى من له
__________________
(١) حتى أصابه من المطر. وعبارة الأصل : فحسى ( شرب ) منه. والزاد : فحسر عنه. وهى محرفة. انظر : السنن الكبرى ٣ / ٣٥٩ ، والزاد ١ / ١٢٦ ، والام ١ / ٢٢٣.
(٢) بالزاد ١٧٧ : تنزيلها. ولعله تصحيف.