أكثر الأحوال. وهو ألطف من لحم الجمل. والدم المتولد عن معتدل.
( لحم البقر ) : بارد يابس ، عسر الانهضام ، بطئ الانحدار ، يولد دما سوداويا ، لا يصلح إلا لأهل الكد والتعب الشديد. ويورث إدمانه الأمراض السوداوية : كالبهق والجرب ، والقوب (١) والجذام ، وداء الفيل والسرطان ، والوسواس ، وحمى الربع ، وكثير من الأورام. وهذا لمن لم يعتده ، أو لم يدفع ضرره بالفلفل والثوم والدار صيني والزنجبيل ونحوه. وذكره أقل برودة ، وأنثاه أقل يبسا.
ولحم العجل ـ ولا سيما السمين ـ : من أعدل الأغذية وأطيبها ، وألذها وأحمدها. وهو حار رطب. وإذ انهضم : غذى غذاء قويا.
( لحم الفرس ). ثبت في الصحيح ، عن أسماء رضي الله عنها ، قالت : « نحرنا فرسا فأكلناه على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ». وثبت عنه صلىاللهعليهوسلم : « أنه أذن في لحوم الخيل ، ونهى عن لحوم الحمر ». أخرجاه في الصحيحين.
ولا يثبت عنه حديث المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه : « أنه نهى عنه ». قاله أبو داود وغيره من أهل الحديث. واقترانه بالبغال والحمير في القرآن : لا يدل على أن حكم لحمه حكم لحومها بوجه من الوجوه ، كما لا يدل على أن حكمها في السهم في الغنيمة حكم الفرس. والله سبحانه يقرن في الذكر بين المتماثلات تارة ، وبين المختلفات ، وبين المتضادات. وليس في قوله : ( لتركبوها ) ، ما يمنع من أكلها. كما ليس فيه ما يمنع من غير الركوب : من وجوه الانتفاع. وإنما نص على أجل منافعها ، وهو : الركوب. والحديثان في حلها صحيحان ، لا معارض لهما.
وبعد : فلحمها حار يابس ، غليظ سوداوي ، مضر لا يصلح للأبدان اللطيفة.
( لحم الجمل ) : فرق ما بين الرافضة وأهل السنة ، كما أنه أحد الفروق بين اليهود وأهل الاسلام. فاليهود والرافضة تذمه ولا تأكله. وقد (٢) علم ـ بالاضطرار من دين الاسلام ـ حله. وطالما أكله رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه : حضرا وسفرا.
__________________
(١) بالأصل والزاد ١٨٦ : القوبي. وبالاحكام ٩١ : القوباء. وانظر ما تقدم : (ص ٢٨٧).
(٢) بالزاد ١٨٦ : قد. ولا يبعد تحريفه.