فخذ منه شربة على الريق : فإنه جيد للنسيان ».
ولهذا سبب طبيعي ظاهر : فإن النسيان إذا كان لسوء مزاج بارد رطب ـ يغلب على الدماغ ، فلا يحفظ ما ينطبع فيه ـ : نفع منه اللبان. وأما إذا كان النسيان لغلبة (١) شئ عارض : أمكن زواله سريعا بالمرطبات. والفرق بينهما : أن اليبوسي يتبعه سهر وحفظ للأمور الماضية دون الحالية ، والرطوبي بالعكس.
وقد يحدث النسيان أشياء بالخاصية : كحجامة نقرة القفا ، وإدمان أكل الكسبرة (٢) الرطبة والتفاح الحامض ، وكثرة الهم والغم ، والنظر في الماء الواقف والبول فيه ، والنظر إلى المصلوب : والاكثار من قراءة ألواح القبور ، والمشي بين جملين مقطورين ، وإلقاء القمل في الحياض (٣) ، وأكل سؤر الفأر. وأكثر هذا معروف بالتجربة.
والمقصود : أن اللبان مسخن في الدرجة الثانية ، ومجفف في الأولى. وفيه قبض يسير. وهو كثير المنافع ، قليل المضار. فمن منافعه : أنه ينفع من قذف الدم ونزفه ، ووجع المعدة واستطلاق البطن ، ويهضم الطعام ، ويطرد الرياح ، ويجلو قروح العين ، وينبت اللحم في سائر القروح ، ويقوى المعدة الضعيفة ويسخنها ، ويجفف البلغم ، وينشف رطوبات (٤) الصدر ، ويجلو ظلمة البصر ، ويمنع القروح الخبيثة من الانتشار.
وإذا مضغ وحده أو مع الصعتر الفارسي : جلب البلغم ، ونفع من اعتقال اللسان ، ويزيد في الذهن ويذكيه. وإن بخر به : نفع من الوباء ، وطيب رائحة الهواء.
حرف الميم
١ ـ ( ماء ) : مادة الحياة ، وسيد الشراب ، وأحد أركان العالم ، بل ركنه
__________________
(١) بالأحكام : لغلبة اليبس عليه.
(٢) بالأصل والزاد ١٩٠ : الكسفرة. وانظر هامش ما تقدم : (ص ٢٩٨).
(٣) بالأصل والزاد : الحياة. وهو مصحف عنه كما جوزه ق.
(٤) بالزاد : رطوبة.