( ففي هذا الحديث ) : إلقاء العالم المسائل على أصحابه وتمرينهم ، واختبار ما عندهم. ( وفيه ) : ضرب الأمثال والتشبيه. ( وفيه ) ما كان عليه الصحابة : من الحياء من أكابرهم وأجلائهم ، وإمساكهم عن الكلام بين أيديهم. ( وفيه ) : فرح الرجل بإصابة ولده وتوفيقه للصواب. ( وفيه ) : أنه لا يكره للولد أن يجيب بما عرف بحضرة أبيه ، وإن لم يعرفه (١) الأب. وليس في ذلك إساءة أدب عليه. ( وفيه ) ما تضمنه تشبيه المسلم بالنخلة : من (٢) كثرة خيرها ، ودوام ظلها ، وطيب ثمرها ، ووجوده على الدوام.
وثمرها يؤكل رطبا ويابسا وبلحا ويانعا. وهو غذاء ودواء ، وقوت وحلوى ، وشراب وفاكهة. وجذوعها للبناء والآلات والأواني. ويتخذ من خوصها : الحصر والمكاتل والأواني والمراوح ، وغير ذلك. ومن ليفها : الحبال والحشايا ، وغيرها. ثم آخر شئ (٣) : نواها علف للإبل ، ويدخل في الأدوية والاكحال. ثم جمال ثمرتها ونباتها ، وحسن هيأتها ، وبهجة منظرها ، وحسن نضد ثمرها وصنعته وبهجته ، ومسرة النفوس عند رؤيته. فرؤيتها مذكرة لفاطرها وخالقها وبديع صنعته ، وكمال قدرته ، وتمام حكمته. ولا شئ أشبه بها من الرجل المؤمن : إذ هو خير كله ، ونفع ظاهر وباطن.
وهى الشجرة التي حن جذعها إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، لما فارقه : شوقا إلى قربه وسماع كلامه (٤). وهى التي نزلت تحتها مريم لما ولدت عيسى.
وقد ورد في حديث ـ في إسناده نظر ـ : « أكرموا عمتكم النخلة : فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم » (٥).
__________________
(١) كذا بالزاد. وهو الظاهر. وبالأصل : يعرف.
(٢) كذا بالأصل. وبالزاد : وكثرة. والظاهر أنه تحريف.
(٣) بالأحكام : « شئ منها نواها ، يستعمل في الأدوية والاكحال ... وينتفع به علفا ».
(٤) راجع في هذا المقام : آداب الشافعي (ص ٨٣ و ٣٣٠).
(٥) راجع : الاحكام ٢ / ١١١ ، والفتح الكبير ١ / ٢٢٧.